226

الأفيق، وذلك إذا تمّ واحمرّ1. ويدخل في الحرف التي تقوم على تحويل الجلد إلى سلع، مثل الأحذية وصنع القباب التي تضرب للملوك وللسادة وللأشراف أمارة على الرئاسة والسيادة. وتصبغ جلودها بلون أحمر في الغالب, وكانت غالية؛ لذلك لم يستعملها إلا أصحاب الجاه والمال. فكان سادة مكة إذا نزلوا منزلا ضربوا قبابًا من أدم2، وكان حكام عكاظ والسادات الذين يحضرون السوق، يضربون لهم قبابًا، وأما سائر الناس، فيضربون لهم بيوت الشعر, وبيوت الشعر أرخص ثمنًا من قباب الأدم.

وقد اتخذ العرب بيوتًا من جلد عرفت بـ"القشاعة" و"القشوع"، وذكر بعضهم أن "القشاعة" بيت من أدم, وربما اتخذوا من جلود الإبل صوانًا للمتاع3. وذكر أن البيت من أدم، هو "الطراف", وهو بيت من بيوت الأعراب ليس له كفاء، قال طرفة بن العبد:

رأيت بني غبراء لا ينكرونني ... ولا أهل هذاك الطراف الممدد4

وقد اشتهرت اليمن بدباغة الجلود وبالاستفادة من هذه الجلود في أغراض مختلفة، وبتصدير الجلود إلى أماكن أخرى من جزيرة العرب. ولا تزال اليمن تصنع الجلود على الطريقة القديمة، وتصدرها إلى الخارج. وقد ذكر "ابن المجاور" أن الأديم يدبغ في جميع إقليم اليمن والحجاز، وأنهم يبيعونه طاقات بالعدد، وقد اشتهرت مكة بدبغ الجلود كذلك، جلود الجمال والبقر والغزلان5. واشتهرت الطائف في دباغة الجلود كذلك, وذُكر أن مدابغها كانت كثيرة، وأن مياهها كانت تنساب إلى الوادي فتنبعث منها روائح كريهة مؤذية6. وكانوا يدبغون

طور بواسطة نورين ميديا © 2015