يهتدى بها، أو خاص بعاد، أي: بأعلامهم، و"الأروم": الأعلام في المفاوز. وكان من عادة الجاهلية، أنهم إذا وجدوا شيئًا في طريقهم لا يمكنهم استصحابه, تركوا عليه حجارة يعرفونه بها, حتى إذا عادوا أخذوه. وقيل: قبور عاد1.
وقد كان الجاهليون قد مهدوا الطرق وكسوا بعضها بمادة قوية مثل "الأسمنت" ووضعوا عليها العلامات. وقد أطلق العرب لفظة "العود" على الطريق القديم العادي2.
وسن الطريق سنًّا: إذا ساره، ويقال: ترك سنن الطريق، أي: جهته3. وقد كان القادة يتنكبون عن سنن الطريق؛ ليباغتوا العدو، أو ليتجنبوا تعقبهم لهم.
وقد كان لرؤساء القوافل علم بالأبعاد والمسافات, وبالأماكن التي يجب النزول بها والتمون منها بالماء والطعام. ونجد في كتب أهل الأخبار أخبارًا بأسماء منازل القوافل وبأبعادها, وقد استقيت من أفواه رجال القوافل في الجاهلية. كما نجد أن للأعراب دراية مدهشة بمواضع الماء وبالطرق مع مرورها في بوادٍ يصعب السير فيها، وقد ورثوا علمهم هذا عن أسلافهم ومن تجاربهم الخاصة التي تعلموها من كثرة أسفارهم وتنقلاتهم.
وقد كان التجار وأصحاب القوافل يقطعون أسفارهم بمراحل، ينزلون في كل مرحلة بمنزل يستريحون فيه ويمونون أنفسهم بما يحتاجون إليه من ماء وزاد. ويعبرون عن المسافات التي تقطعها القافلة بين منزل ومنزل آخر بـ"مسيرة"، فيقولون: "مسيرة يوم" أو "مسيرة نهار" وما شابه ذلك, كما عرفوا الأبعاد بالفرسخ والميل4. و"النزل": المنزل، وما هيئ للضيف أن ينزل عليه, ومنه: منازل الطريق5.
وتراعي القوافل في سيرها إلى أهدافها الأخذ بأقصر الطرق الآمنة المطمئنة, التي تتوفر فيها المياه، وقد تعدل من سيرها فتسلك طرقًا بعيدة أو وعرة إذا أحست بعدو يتربص لها في الطريق المسلوك، أو بلصوص ظهروا فيها، أو بقوم يريدون الاستيلاء على قافلتهم، كالذي فعله "أبو سفيان" مقفله من الشام يريد مكة، حيث بدل طريقه، فحوَّله عن "بدر"، وساحل، فأضاع بذلك الفرصة على المسلمين ووصل سالمًا بقافلته إلى مكة.