على أهل مكة ومن حولهم، ونقل الفائض إلى الأسواق الموسمية وأسواق العراق وبلاد الشأم والعربية الجنوبية. فهو اقتصاد لا يعتمد على الإنتاج المحلي ولا على حرف محلية، إنما يقوم على أساس شراء المنتجات الأجنبية من مصادرها بأسعار أعلى، للحصول على الأرباح عن طريق الفرق بين السعرين: سعر الشراء وسعر البيع، أو عن ثمن التوسط في معاملات البيع والشراء.

ويظهر أن أهل يثرب لم يكونوا قد أقبلوا على الزراعة إقبالًا كافيًا، وأن الأرض لم تكن قد استغلت استغلالًا جيدًا، لهذا نجد الرسول بعد هجرته إلى هذه المدينة يحث المسلمين على الإقبال على الزراعة وعلى العمل بها، وعلى استغلال الأرض؛ لأن فيها قوت المسلمين، فأراد بذلك سد النقص الذي كان يجابه أهل المدينة وغيرها في الحبوب وفي أقواتهم الأخرى، وهذا مما أدى إلى إحياء بعض أرضها في أيامه، أحياها أهل يثرب وأحياها بعض المهاجرين.

وكان بعض تجار مكة يمرون بيثرب في طريقهم من مكة إلى بلاد الشأم، وفي عودتهم منها إلى مكة. ولما خرج "هاشم" في عير لقريش فيها تجارات، كان طريقه على المدينة، ثم نزل بسوق النبط، وهي سوق تقوم بها في السنة يحشدون لها، يبيعون ويشترون1. وهي سوق يظهر أنها كانت تقام في موسم معين من السنة، فيتجمع فيها التجار للبيع والشراء. ولما خرج "عبد الله" والد الرسول إلى الشأم إلى غزة في عير من عيرات قريش يحملون تجارات، ففرغوا من تجارتهم ثم انصرفوا، مروا بالمدينة، وبها توفي فدفن هناك، في دار النابغة، وهو رجل من بني عدي بن النجار2.

وقد كان الأنباط يتاجرون مع المدينة، يأتون إليها بـ"الدرمك"، وهو الدقيق الحواري، وهو دقيق أبيض، وبالزيت. وكانوا يأتون إليهم بأخبار الروم3. ولعلهم كانوا يتاجرون في موضع معين من أسواق يثرب، فعرف لذلك بسوق النبط.

وقد نافست "يثرب" مكة في التجارة بعد هجرة الرسول إليها، إذ أخذ المهاجرون يتاجرون منها مع بلاد الشأم والعراق، وصارت القوافل ترد إليها محملة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015