وكان أهل العربية الغربية يحفرون حفرًا، يجعلونها كالبئر، يلقون بها الجيف وما شاكلها. وذكر أن "الجباجب"، حفر بمنى كان يلقى بها الكروش، كروش الأضاحي في أيام الحج، أو كان يجمع فيها دم البدن والهدايا، والعرب تعظمها وتفخر بها1. وقد ورد أن الرسول كان يشرب من بئر "بضاعة" وأنه بصق فيها وبرك2. وأن خيل رسول الله كانت تسقى منها، وأن أهل المدينة كانوا يغسلون مرضاهم بمائها، لاعتقادهم أنه يشفي من المرض3. ولعل قصة رمي الجيف والمنتن بها من القصص الموضوع المصنوع، أو أن ذلك حدث فيما بعد، حين أهمل شأنها، فلم يعد الناس يستقون منها، فاتخذت موضعًا يرمى فيه الجيف.
ومن بقية الآبار "البقع" وقيل هي السقيا التي بنقب بني دينار، وبئر "جنب"، وبئر "جاسم"، بئر أبي الهيثم بن التيهان براتج4، وبئر "العبيرة، بئر "بني أمية بن زيد"، وقد شرب منها الرسول وسماها "اليسيرة"5. وبئر "رومة" بالعقيق، وكانت لرجل من مزينة يسقى عليها بأجر، فقال رسول الله: نم صدقة المسلم هذه من رجل يبتاعها من المزني فيتصدق بها6. وكان المزني، قد ضرب خيمة إلى جنب البئر، يأخذ أجوز الدلاء، وله جرار بها ماء بارد، مر الرسول به مرة فشرب منها ماءً باردًا، فقال: هذا العذب الزلال7.
ويرد في كتب السير مصطلح "بئر السقيا"، و"بيوت السقيا"، و"السقيا" ورد أن الرسول كان يشرب من بيوت السقيا8، وورد أن خدمه كانوا يحملون قدور الماء إلى نسائه من "بئر السقيا"، وأنه شرب حين خرج إلى "بدر" من "بئر السقيا"9. وقد ذكر بعض العلماء، أن "بيوت السقيا" موضع في