ونسب إلى المرقش السودسي، ذكر الغراب في شعره، إذ قيل إنه قال:
ولقد غدوت وكنت لا ... أغدو على واق وحاتم
وإذا الأشائم كالأيا ... من والأيامن كالأشائم1
ويبين هذان البيتان رأي هذا الشاعر في التيامن والتشاؤم.
وكا العرب إذا أرادوا أن يصفوا أرضا بالخصب والسواد، قالوا: وقعوا في أرض لا يطير غرابها، فهذا يعني أن الأرض كلها خصبة مزروعة سوداء، لا ترى فيها قطعة بيضاء، ولا ترى إلا الزرع والخيرات والثمر. وإذا أرادوا التعبير عن انتقال مرحلة الشباب إلى مرحلة الشيخوخة، وعن التهام الشيب لسواد الرأس: قيل: طار غراب البين2.
وقد يكون في جملة أسباب تشاؤم العرب من الغراب، إنه كان يضر بإبلهم. فهم يذكرون إنه إذا وجد دبرة في ظهر البعير، أو قرحة في عنقه، سقط عليها ونقره وعقره. ولذلك كانوا إذا رأوا دبرة بظهر البعير، غرزو في سنامه إما قوادم ريش أسود، وإما خرقا سودا، لتفزع الغربان فلا تتقرب منه ولا تسقط عليه. وقد يضعون الريش في اسنمتها وتغرز فيها3. والعرب تسمي الغراب لذلك "ابن دأية"، لأنه ينقر دبرة البعير أو قرحة عنقه، حتى يبلغ إلى دايات العنق وما اتصل بها من خرزات الصلب، وفقار الظهر4.
والغراب من الطيور التي ورد ذكرها في التوراة. والعبرانيون مثل العرب اعتقدوا بالطيرة منه، أي بتأثير حركاته وسكناته في إحداث الفأل والشؤم5.
وقد ذكر "الجاحظ" جريدة بأسماء الجهات التي يقف عليها "الغراب" فينعب، وما سيقع من وقفته تلك ومن نعيبه، وما يجب أن يفعله أو يتجنبه