عليه. وكانوا يتعايرون بأكل لحمه1. وليس ذلك "لأنه يأكل اللحوم ولأنه سبع"، لو كان ذلك منهم "لكانت الضواري والجوراح أحق بذلك عندهم"2 إنما امتنعوا عن أكله، لأنه يأكل الجيف والقاذورات، ولذلك عدة العبرانيون من الحيوانات النجسة، والحيوانات هي في الغالب الحيوانات التي لا يجوز أكل لحومها، والظاهر أنه كان على هذه النظرة عند أغلب الساميين.
ونعت الغراب بـ "الأعور"، قيل إنه نعت بذلك لحدة نظره3، وقيل إنما سموه "الأعور" تفاؤلا بالسلامة4. ووصف بالحذر، فقيل: أحذ من غراب، وقيل إنه نعت بذلك على التشاؤم به، لأن الأعور عندهم مشؤوم، وقيل لخلاف حاله، لأنهم يقولون: أبصر من غراب، ويقال سمي الغراب أعور، لأنه إذا أراد يغمض عينيه5.
ويذكر أهل الأخبار أن غراب البين نوعان: أحدهما صغار معروفة بالضعف واللؤم. أما الآخر، فإنه ينزل في دور الناس، ويقع على مواضع إقامتهم إذا ارتحلوا عنها وبانوا منها، ولذلك سمي بغراب البين6.
وللعرب عادات بالنسبة إلى الغراب، ترى إنه إذا علق منقار الغراب على إنسان، حفظ من العين. اما إذا علق طحاله على إنسان، هيج الشبق. وأن دمه إذا جفف وحشي به البواسير، أبرأها. وإذا أكل مشويا، نفع القولنج. وإذا غمس الغراب الأسود بريشه في الخل، وطلي به الشعر، سوده وإذا طلي بها إنسان مسحور، بطل عنه السحر. وإذا جفف لسان الغراب "الزاغ"، ثم أكله إنسان عطشان، ذهب عشطه7.