امحُ جميع الصور، إلا ما تحت يدي، فرفع يديه عن عيسى ابن مريم وأمه. ونظر إلى صورة إبراهيم، فقال: قاتلهم الله جعلوه يستقسم بالأزلام، ما لإبراهيم والأزلام"1. وقد بقيت صورة عيسى ابن مريم وأمه، إلى أيام عبد الله بن الزبير، فلما تهدم البيت، تهدمت الصورة معه2.

وأعاد الجاهليون –كما يذكر أهل الأخبار- الصنم هبل إلى مكانه، نصبوه أمام "الغبغب"، وأعادوا معه بقية الأصنام، التي كانت تتعبد لها بعض القبائل. ووضعوا حول الكعبة أصنامًا أخرى، يجب أن تكون من الدرجة الثانية في المنزلة أي أصنام قبائل ضعيفة، لذلك وضعت خارج البقعة المقدسة. وقد أوصلت الروايات عدة أصنام الكعبة عام الفتح إلى "360" صنمًا، كان بعضها منحوتًا من الحجارة، وبعضها معمولًا من النحاس، وبعضها قوارير، وكان صنم خزاعة قوارير صفر. ولما دخل الرسول مكة، أمر بها أفزيلت وحطمت، فلم يبق من يومئذ بها صنم3. وذكر أن النبي دخل مكة "وحول الكعبة ثلاثمائة وستون نُصبًا. فجعل يطعنها بعود كان بيده. ويقول: {جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} 4.

وذكر في بعض الروايات أن رسول الله بعد أن طاف بالبيت سبعًا على راحلته دخل الكعبة فوجد فيها حمامة من عيدان فكسرها بيده ثم طرحها5. وأنه لما طاف بالبيت وجد حولها أصنامًا مشدودة بالرصاص، فحطمت، وأعظمها "هبل" صنم قريش6.

ويتبين من الروايات الواردة عن بناء الكعبة وعن اختلاف أهل مكة وتشاحنهم وتنافسهم فيما بينهم على شرف وضع "الحجر الأسود" في مكانه أنه كان لهذا الحجر أهمية خاصة في نظرهم، وأنه كان أقدس شيء عندهم. وإلا لما اختلفوا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015