مكتفيًا غير محتاج لا يوجه عينه نحو غيره حسدًا وحقدًا. شعار هذا المجتمع الله والأصنام والحج والتجارة، مجتمع لم يكن يخلو بالطبع من أحامس بخلاء شذوا عن الطريق، واغتصبوا أموال الفقراء، كما هو الحال في كل مجتمع بشري.

وقد اقتصرت "قريش" وهم من الحمس، على استعمال القباب المصنوعة من الأدم لا يضربها غيرها بـ"منى"1. لأنهم "كانوا لا ينسجون مظال الشعر، وكانوا أهل القباب الحمر من الأدم"2. وقد استعمل الرسول في حجة هذا النوع من القباب3. ولا بد أن يكون لاقتصار قريش على استعمال هذا النوع من القباب دون غيرها في هذا الموضع، سبب ما، الأرجح أنه عامل ديني واجتماعي4. ويلاحظ أنه كان للقباب الحمر ذكر خطير، وجاه عظيم في نظر الجاهليين، فكان أصحابها يفتخرون على غيرهم بأنهم "أهل القباب الحمر"5، وقد كان الملوك والسادة يضربون لأنفسهم القباب الحمر. فهي من إمارات الجاه والمكانة والنفوذ.

ويظهر من بعض الأسماء أو الجمل التي وردت فيها كلمة "أحمس" و"حمس" أن هذه الكلمة هي نعت أو اسم من أسماء الآلهة عند الجاهليين في الأصل، ثم تغير معناها بعد ذلك فصارت على النحو الذي ذكره علماء اللغة نقلًا عن الروايات التي ترجع ذلك المعنى إلى الجاهلية المتصلة بالإسلام. ففي الأسماء الواردة إلينا: "أحمس الله"، و"بنو أحمس"، و"أبو أحمس"، و"الأحامس"6، ما يفيد أن الأصل بعيد جدًّا عن المعنى فهمه وذهب إليه أهل الأخبار، وأن للكلمة معنى دينيًّا خاصًّا قديمًا، هو التشدد في الدين والتمسك به، وبعبادة الصنم، والمحافظة على سنة الآباء والأجداد مع تصلب وتقشف.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015