يا أيها الرجل المحول رحله ... ألا نزلت بآل عبد مناف
هبلتك أمك لو نزلت عليهم ... ضمنوك من جوع ومن إقراف
الآخذون العهد من آفاقها ... والراحلون لرحلة الإيلاف
والمطعمون إذا الرياح تناوحت ... ورجال مكة مسنتون عجاف
والمفضلون إذا المحول ترادفت ... والقائلون هلم للأضياف
والخالطون غنيهم بفقيرهم ... حتي يكون فقيرهم كالكافي
كانت قريش بيضة فتفلقت ... فالمح خالصة لعبد مناف1
قام رجال من رجال مكة بالإنفاق على المحتاجين فعدوا ذلك دينًا ومروءة وشهامة فكان "نعيم بن عبد الله" العدوي، ينفق على أرامل بني عدي وأيتامهم2. وكان "حكيم بن حزام" ينفق من أرباحه على المحتاجين من آله وذويه3. وكان صديق النبي قبل المبعث4. وتذكر كتب السير والتراجم أسماء رجال آخرين عرفوا بتصدقهم على الفقراء والمحتاجين، اعتبروها منقبة وقربة لهم في الجاهلية، وقد أقرهم الرسول عليها.
فالحمس "أهل الله"، وأمته، تجمعهم عبادة الله والأصنام، والمناسك والشعائر التي وضعوها لهم، والتجارة التي جعلوها مثل شعائر دينهم، ينفقون من أرباحهم منها في سبيل "الله". أي بيت الله وأهله المستضعفون، حتى جعلوا الصدقة وإطعام المحتاج من أمور الدين. فمجتمعهم مجتمع جمع بين الدين والتجارة، وبين الدين والمال. حثهم على التعاون بخلط رءوس أموالهم والاتجار معًا بقوافل، وفيه ربح كبير مضمون، وحثهم على إنصاف من ليس له شيء حتى يصير.