وغلظة. فلما قتلوه، أوحى الله إلى نبي في عصره هو "برخيا بن أخبيا بن رزنائيل بن شالتان"، وكان من سبط "يهوذا بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل"، أن يأتي "بختنصر"، فيأمره بغزو "العرب الذين لا أغلاق لبيوتهم ولا أبواب"، ويطأ بلادهم بالجنود، فيقتل مقاتلهم، ويستبيح أموالهم. فأقبل "برخيا" من نجران، حتى قدم على "بختنصر"، وذلك في زمان "معد بن عدنان"، فوثب "بختنصر" على من كان في بلاده من العرب، وجمع من ظفر به منهم، فبنى لهم حيرًا على النجف وحصنه، ثم ضمهم فيه، ووكّل بهم حرسًا وحَفَظَة، ثم سار في بلاد العرب فالتقى بعدنان بذات عرق، فهزم، "بختنصر" عدنان, وسار إلى "حضور"، فانهزم الناس وفروا فرقتين: فرقة أخذت إلى "ريسوب" وعليهم "عك"، وفرقة قصدت وبار.
أما الذين بقوا في "حضور"، وحاربوا "بختنصر" فقد احتصدتهم السيوف.
ثم رجع ملك بابل بما جمع من السبايا، فألقاهم بالأنبار، وخالطهم بعد ذلك النبط، ومات عدنان. فلما مات "بختنصر"، خرج "معدّ بن عدنان" حتى أتى مكة، ثم ذهب إلى "ريسوب" فاستخرج أهلها, وسأل عمّن بقي من ولد "الحارث بن مضاض الجرهمي" وهو الذي قاتل دوس العتق، فأفنى أكثر جرهم على يديه، فقيل: بقي "جرشم بن جلهمة"، فتزوّج معد ابنته "معانة"، فولدت له "نزارًا"1,
وأهل حضور الذين قتلوا نبيهم، وقتلهم "بختنصر" هم شعب من أهل اليمن على رأي الأخباريين، كانوا يقيمون الحضور أو "حضوراء". وفي اليمن موضع يسمى "حضور"، ينسبه أصحاب الأخبار إلى: حضور بن عدي بن مالك بن زيد بن سدد بن حمير بن سبأ"2، وذكروا أنه المكان الذي قصده "بختنصر"، فقتل أهله3. وعلى هذا المكان مسجد يُزار حتى اليوم، يقال له مسجد شعيب نبي أصحاب الرسّ4. وهو جبل من جبال اليمن المقدسة،