عن رواية كل ما يتعلق بالأمور الجاهلية خلا ما يتعلق بالنواحي القبلية وبالنواحي الأدبية واللغوية، كانا من العوامل التي أدت إلى غض نظرهم عن البحث في هذه الأمور.
وبفضل إقرار الإسلام لبعض أحكام وشعائر الجاهليين، استطعنا الوقوف على جانب من أحكامهم وشرائعهم. فعرفنا بذلك بعض شعائر الحج من حج مكة، وبعض أحكامهم وآرائهم في الدين ووجهة نظرهم إلى الحلال والحرام، والتقرب إلى بيوت الأرباب وغير ذلك. وما كان في وسعنا الوقوف عليها لولا تعرض الإسلام لها بالإقرار والتثبيت، أو بالتحريم والنهي، فأشير إلى كل ذلك في القرآن الكريم وفي كتب التفسير وأسباب النزول والحديث.
وقد عُني المستشرقون بهذا الموضوع، فكتبوا بحوثًا فيه. ومن هؤلاء "ولهوزن" Wellhausen j. صاحب كتاب "بقايا الوثنية العربية" صلى الله عليه وسلمrabischen Heidentums1 و"دتلف نيلسن" عز وجلitlef Nielsen2 و"لودولف كريل" Ludolf Krehl وغيرهم3.
وقد اعتمد "ولهوزن" على ما نقله "ياقوت الحموي" من كتاب الأصنام ومن غيرهم، ذلك لأن كتاب الأصنام لم يكن مطبوعًا ولا معروفًا أيام ألف "ولهوزن" كتابه عن الوثنية العربية.
ويعد كتاب "ولهوزن" أوسع مؤلف في موضوعه كتبه المستشرقون عن الوثنية العربية. وقد كتب المستشرقون حديثًا جملة بحوث عن الأصنام العربية التي عثر عليها في الكتابات فات ذكرها في كتاب "ولهوزن" لأن أكثر النصوص الجاهلية لم تكن قد نشرت يومئذ، ولأن كثيرًا منها قد نشر حديثًا، فلم يكن في استطاعة "ولهوزن" بالطبع أن يبحث في شيء من التفصيل في الوثنية ببلاد العرب الجنوبية. لذلك كان أكثر ما جاء في كتاب "ولهوزن" مستمدًا من روايات