وأثر الحالات النفسية في تكييف الدين، وفي تصور الناس لآلهتهم. ولهذا تصور اليونان مثلًا آلهتهم على شاكلتهم، تصوروها ذات أخلاق وصفات تشبه أخلاق البشر وصفاتهم، تتخاصم وتتصادق وتتباغض ويحسد بعضها بعضًا، تشرب الخمر وتحزن وتفرح، وتسرق أيضًا. ونجد في الـ"إيدا" صلى الله عليه وسلمdda نفسية الشعوب الشمالية الأوروبية ممثلة في الأساطير التي تتحدث عن الآلهة والأبطال1.
ويظهر أثر العوامل المذكورة في الديانة الهندية القديمة، وهي من الديانات الآرية، وفي الديانة المجوسية، وهي من أهل السهول وديانات أهل الجبال، وبين ديانات الساميين الشماليين وديانات الساميين الجنوبيين، يظهر في الأساطير "Mythlogy" وفي تصور الآلهة وتقديمها وتأخيرها وما شابه ذلك من أمور2.
ولشكل المجتمع أثره كذلك في تطوير الدين وفي أحكامه. فمجتمع يقوم على الزراعة يختلف في تفكيره عن مجتمع يعيش على الصناعة أو على الرعي في بوادٍ واسعة، كذلك للسياسة ولأشكال المجتمعات السياسية دخل في تطور الأديان. وقد كان التعاون وثيقًا جدًّا في الأيام الماضية خاصة بين السلطات الزمنية وبين السلطان الدينية حتى كان الحكام الزمنيون كهانًا في كثير من الأوقات، كما حدث أن وقع اختلاف بين السلطتين أدى إلى حدوث تغيير في عقيدة الحكومة أو أكثرية الشعب.
وطالما أدى قهر مدينة أو قبيلة أو شعب إلى قهر آلهتها معها وموتها، وإلى عبادة آلهة القاهرين المتغلبين باعتبار أنها أقوى وأعظم شأنًا من آلهة المغلوبين التي لم تتمكن من حمايتهم من تعديات الغالبين. وقد تبقى تلك الآلهة فتندمج في آلهة المغيرين، فيزداد بذلك العدد، وتتعدد الآلهة، وتختلط الأساطير بعضها ببعض وتتداخل. ولهذه الناحية أهمية كبيرة في تحليل عناصر هذه الأساطير، ورَجْعها إلى منابعها الأولى. كذلك يكون للجوار وللصلات التأريخية والروابط الثقافية أثر في ديانات الشعوب وفي "تكييفها" للثقافة خاصة أثر بارز في هذا التوجيه.
غير أن للأديان كذلك أثرها في توجيه الأفراد والقبائل والشعوب، وفيما ينتج عن عمل الإنسان من مجتمعات وسياسة وثقافة واقتصاد3. فهذه نواحٍ يجب أن