منافس له شعره عليه. ثم يسمعان رأي الحكم في أيهما أشعر. وذكر أن القضاء بعكاظ كان لبني تميم. وقد جمعت تميم الموسم إلى ذلك. وكان ذلك يكون في أفخاذها كلها. ويكون الرجلان يليان هذا من الأمرين جميعًا، عكاظ على حدة والموسم على حدة. فكان من اجتمع له الموسم والقضاء "سعد بن زيد مناة بن تميم"، ثم تولى ذلك "حنظلة بن زيد بن مناة"، ثم تولاه "ذؤيب بن كعب بن عمرو بن تميم"، ثم "مازن بن مالك بن عمرو بن تميم"، ثم "ثعلبة بن يربوع بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة"، ثم "معاوية بن شريف بن جُروة بن أسيد بن عمرو بن تميم"، ثم "الأضبط بن قريع بن عوف بن كعب بن سعد بن زيد مناة"، ثم "صلصل بن أوس بن مخاشن بن معاوية بن شريف بن جروة بن أسيد"، ثم "سفيان بن مجاشع بن دارم بن مالك بن حنظلة".

فكان سفيان آخر تميمي اجتمع له الموسم والقضاء بعكاظ. فمات سفيان، فافترق الأمر, فلم يجتمع الموسم والقضاء لأحد منهم حتى جاء الإسلام, فكان "محمد بن سفيان بن مجاشع" يقضي بعكاظ. فصار ميراثًا لهم. فكان آخر من قضي بينهم الذي وصل إلى الإسلام "الأقرع بن حابس بن عقال بن محمد بن سفيان".

وأجاز بالموسم بعد "صلصل بن أوس"، "العلاق بن شهاب بن لأي" من بني "عُوافة بن سعد بن زيد مناة". فكان آخر من أفاض بهم "كرب بن صفوان بن جناب بن شجنة بن عطارد بن عوف بن كعب بن سعد بن زيد مناة"1. وله يقول أوس بن مغراء القريعي:

ولا يريمون في التعريف موقفهم ... حتى يقال: أجيزوا آل صفوانا2

ويتبين مما تقدم، أن القضاء بعكاظ كان حقًّا من حقوق "تميم" لا ينازعهم في ذلك منازع. إذا هلك قاض أخذ مكانه ابنه أو رجل آخر من الأسرة التي اختصت بالقضاء بين الناس، والتي كان لها أمر "الحكومة"، فنحن هنا إذن أمام أناس تخصصوا بأمور القضاء بين الوافدين إلى عكاظ، ممن كان عندهم أمر معضل، ثم يريدون حله وفضه. ولا بد لمثل هذا الحاكم من أن يكون محترم الجانب، مهاب المكانة، واقفًا على الأحساب والأنساب وأحوال الناس وعلى الأعراف حتى يحترم قراره ويطاع.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015