"فقال: تساءلا حتى أسمع ما تقولان"، فجرى بينهما كلام في الحكم وفي أمور الحياة1.
وقد اختلف أهل الأخبار في أول من قرعت له العصا. فقال بعض منهم: هو "عامر بن الظرب العدواني"، وقال بعض أخر: هو "قيس بن خالد بن ذي الجدين". وهو قول ربيعة، أو "عمرو بن حممة" الدوسي، وهو قول تميم، أو "عمرو بن مالك". وذكر أن قيسًا كانوا لا يعدلون بفهم عامر بن الظرب فهمًا ولا بحكمه حكمًا. فلما طعن في السن، أو بلغ ثلاثمائة سنة، أنكر من عقله شيئًا، فقال لبنيه: أنه كبرت سني وعرض لي سهو، فإذا رأيتموني خرجت من كلامي وأخذت في غيره، فأقرعوا لي المجن بالعصا. وقيل: كانت له ابنة يقال لها: خصيلة، فقال لها: إذا أنا خولطت، فاقرعي لي العصا. فأتى عامر بخنثى ليحكم فيه، فلم يدر ما الحكم، فجعل ينحر لهم ويطعمهم ويدافعهم بالقضاء. فقالت خصيلة ما شأنك قد أتلفت مالك؟ فخبرها أنه لا يدري ما حكم الخنثى، فقالت اتبعه مباله2. وذكر "محمد بن حبيب"، أنه حكم في الخنثى حكمًا جرى الإسلام به3. وذكر بعض آخر أن "العرب لا يكون بينها نائرة ولا عضلة في قضاء، إلا أسندوا ذلك إليه، ثم رضوا بما قضى فيه. فاختصم إليه في بعض ما كانوا يختلفون فيه في رجل خنثى له ما للرجل، وله ما للمرأة. فقالوا: أنجعله رجلًا أو امرأة، ولم يأتوه بأمر كان أعضل منه. فقال: حتى أنظر في أمركم، فوالله ما نزل بي مثل هذه منكم يا معشر العرب، فاستأخروا عنه، فبات ليلته ساهرًا يقلب أمره وينظر في شأنه، لا يتوجه له منه وجه. وكانت له جارية يقال لها: سخيلة ترعى عليه غنمه"، فلما رأت سهره وقلقه وقلة قراره على فراشه، سألته عن حاله، فقال: ويحك اختصم إليّ في ميراث خنثى أأجعله رجلًا أو امرأة. فقالت: سبحان الله! لا أبالك اتبع القضاء المبال. أقعده، فإن بال من حيث يبول الرجل، فهو رجل، وإن بال من حيث تبول المرأة، فهو امرأة. فسرَّ بهذا الجواب4