البيوع:

ولدينا نص مهم من أيام الملك "شمر يهرعش" موجه إلى أهل سبأ وإلى أهل مأرب وما والاها في تنظيم البيوع. وهو قانون مهم جدًّا، حددت فيه واجبات البائع والمشتري وحكم البضاعة في أثناء التعامل، أي: قبل إتمام صفقة البيع. وقد حدد القانون المدة التي يعد فيها البيع تامًّا ناجزًا، بمدة شهر واحد، لا يجوز بعدها التراجع عن البيع أبدًا. وبيّن القانون حكم الحيوان الهالك في أثناء المدة التي يحق للمشتري فيها إرجاع ما اشتراه إلى البائع فحددها بمدة سبعة أيام، فإن مضت هذه الأيام وهلك الحيوان في حوزة المشتري فعليه دفع الثمن كاملًا إلى البائع، ولا يحق له الاعتراض عليه والاحتجاج بأن الحيوان قد هلك في أثناء مدة أجاز له القانون فسخ عقد الشراء فيها. ويطبق حكم هذا القانون على الإنسان أيضًا، فإذا اشترى شخص عبدًا أو عبدة، روعي في بيعها وفي شرائهما أحكام هذه المواد1.

وتعرّض القانون لحالة إرجاع المشتري ما اشتراه إلى بائعه، ورده عليه في خلال المدة التي سمح بها القانون وهي الشهر فما دون، مثل عشرين يومًا أو عشرة أيام، فجوّز ذلك، بشرط أن يقوم المشتري بدفع تعويض للبائع يعادل قيمة إجازة الحيوان أو الرقيق في خلال تلك المدة التي بقي فيها في حوزة المشتري.

فالقانون السبئي إذن قد أخذ بقاعدة "الخيار" في البيع، في بيع الأجسام الحية: الإنسان، والإبل، والغنم، والبقر. وحدد مدة "الخيار" هذه بشهر واحد، إذا تم الشهر، ولم يُرجِع المشتري ما اشتراه إلى البائع، عدّ البيع تامًّا ناجزًا، وفي مدة الخيار هذه يكون المبيع ملكًا للبائع، وعلى المشتري دفع تعويض مناسب للبائع في حالة إرجاع المبيع إلى صاحبه تعويضًا يقدر بقدر العرف المتبع في حالة إيجار ذلك الرقيق أو الحيوان، كما أن على المشتري أن يدفع بدل العبد أو الحيوان المتوفى إذا كانت الوفاة قد وقعت في أثناء وجود العبد أو الحيوان في حيازة المشتري.

وغاية المشرع من هذا الخيار هو التأكد من أن المبيع خال من العيب سالم من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015