تميم، ترعى بها إذا أجدبوا. فإذا أرادوا الرجوع، أخذوا كل ما وجدوه أمامهم واستاقوه معهم. فلما كثر اعتداء بكر على تميم، تفاقم الشر بينهما وعظم حتى صار لا يلقى بكري تميميًّا إلا قتله، ولا يلقي تميمي بكريًّا إلا قتله.
ثم عزمت تميم على التخلص من أذى بكر ومنعها من الرعي في أرضها، فحشدت واستعدت لقتال بكر، واستعدت بكر لقتال تميم. فلما اصطدم الجمعان تغلبت بكر على تميم، وقتلت منهم مقتلة عظيمة1.
ويذكر أهل الأخبار أن سبب تسمية يوم الزورين بهذه التسمية، هو أن بني تميم كانوا قد وضعوا بكرَيْن مجللين مقيدين، بين الصفين، وقالوا: هذان زَوْرانا، أي إلهانا، فلا نفرّ حتى يفرَّا، وجعلوا عندهما من يحفظهما. فلما أبصر البكريون الزورين هجموا على حراسهما وأخذوا البعيرين وذبحوهما، أو ذبحوا أحدهما وتركوا الآخر يضرب في شولهم. فارتبكت تميم وانهزمت شر هزيمة2.
وكان المقدم على بكر "عمرو بن قيس بن مسعود الشيباني"، المشهور بـ"أبي مفروق", قدمته "بكر" عليهم, فحسده سائر ربيعة, وأرادوا إزاحته عن الرئاسة، إذ كانوا يريدون أن يجعلوا على كل حي رجلًا منهم، وأن يكون كل حي على حياله، فأصر ابنه "مفروق" عليه بمخالفتهم، وبقي رئيسًا عليهم كلهم: فلما كان القتال، برك بين الصفين، وقال أنا زَوْرُكم، فقاتلوا عني، ولا تفرُّوا حتى أفرَّ. ولم يكن الحوفزان بن شريك يومئذ في القتال، فقد كان في أناس من بني ذهل بن شيبان غازيًا في بني دارهم. وممن اشترك فيه: حنظلة بن سيّار العجلي، وحمدان بن عبد عمرو العبسي، وأبو عمرو بن ربيعة بن ذهل بن شيبان. وقتل فيه من بني تميم أبو الرئيس النهشلي، وهو من ساداتهم3.
وقد أكثر الشعراء في ذكر هذا اليوم لا سيما الأغلب العجلي، وذكره الأعشى أيضًا4.