والترويح عن النفس، وحاجة عند السواد وهم فقراء في الغالب لا يملكون شيئا، فلحم الصيد نعمة كبرى لهم وغذاء طيب لا يصل إليهم دائمًا.
أما اصطياد الرؤساء والأثرياء فبالاستعانة بالصقور في الغالب، حتى إذا قيل كنا نتصقر، انصرف الذهن في الحال إلى الصيد، لاستعمال الطيور في الصيد، حيث تدرب تدريبًا خاصًّا وتعلم تعليمًا متقنًا، فإذا رأت الحيوان انقضت عليه، فلا تتركه يستطيع الحركة والهرب إلى أن يصل الصياد إلى الفريسة المسكينة. ويدعى قيم الصقور ومعلمها "الصقار". وتستعمل كلاب الصيد كذلك، وهي كلاب سريعة مدربة تدريبًا خاصًّا، فإذا رأت الصقر فوق الفريسة عدت خلفها لتساعد الصقر في القبض على الحيوان فلا يهرب ويولي. ومنها ما تفتش عن مواضع اختفاء الحيوانات، فإذا شعرت بوجود حيوان في كهف أو مغارة تدخل إليها أو تقوم بحركات تضطره إلى الخروج فيصطاده الصياد. وقد تستعمل الخيل كذلك. وهي لم تكن كثيرة في الجاهلية، ولا يملكها إلا المتمكنون.
وقد ذكر الصيد في آيات القرآن الكريم، مما يدل على أهميته ومكانته في حياة العرب يومئذ. ويقال للصياد القانص كذلك. وأما استثارة الصيد وإخراجه، فيعبر عن ذلك بلفظة "النُّجش"، والمنجاش والنجاش هو المثير للصيد. ويقال: هَبِض الكلب إذا حرص على الصيد وقلق نحوه، ويقال أيضًا: غرَّبت الكلاب، إذا امعنت في طلب الصيد.
وكانت العرب تعيش في الغالب بلحوم الصيد، وكانت خيلهم تسهل عليهم نيل صيدهم، وتعينهم على الوصول إلى غايتهم. فكانت عندهم من أعز الأموال وأثمن الأشياء يُعتنى بها اعتناء الرجل بنفسه، ولولاها حرم من لذة أكل اللحوم. وكانت إذا أغارتها على صيد، خضبوا نحر السابق بدم ما يمسكونه من الصيد، علامة على كونه السبّاق الذي لا يدرك في الغارات1.
ولأهل الجاهلية عناية خاصة ب"الصقور". يربونها تربية خاصة. وذكر علماء اللغة أن كل شيء يصيد من البزاة والشواهين، صقر. وقد أشير إلى صيد "الصقور" في الحديث2.