الذي غدرت به "الزباء" ملكة "تدمر"، فأجلسته على نطع، وسقته الخمر، ثم أمرت بقطع رواهشه، حتى مات. ثم ثنى ب "حسان بن تبع"، فزعم أن أخاه قتله غيلة وهو نائم على فراشه، طمعًا في ملكه، ثم تكلم عن "عمليق" ملك طسم، وكانت منازلهم "عذرة" في موضع اليمامة1. وذكر في جملة من ذكرهم اسم "عمرو بن مسعود" و "خالد بن نضلة" من بني "أسد". وكانت أسد وغطفان حلفاء لا يدينون ويغيرون عليهم، فوفدا سنة من السنين ومعهما "سيرة بن عمير الفقعسي" الشاعر، على "المنذر" الأكبر اللخمي، فكلمهما في أمر دخولهما في طاعته والذب عنه كما ذبت "تميم" و "ربيعة"، فعلم أنهم لا يدينون له. فقرر الكيد بهما، فأومأ إلى الساقي فسقاهما سمًا، فماتا، ثم ندم على ما فعل، فأمر فحفر لهما قبران ودفنا فيهما، وبنى عليهما منارتين، وهما "الغريان" وعقر على كل قبر خمسين فرسًا وخمسين بعيرًا، وغراهما بدمائهما، وجعل يوم نادمهما يوم نعيم، ويوم دفنهما يوم بؤس2.
وقد كان خنق الأشخاص في جملة وسائل الاغتيال والتخلص من الأعداء، وقد ذكر أن الملك "النعمان بن المنذر"، أمر بخنق "عدي بن زيد العبادي"، فمات منه. ويكون الخنق بالضغط الشديد على الرقبة باليد، وباستعمال الحبل أو قطع القماش. ويقال للحبل الذي يخنق به "الخناق"3.
وذكر أن "الحكم بن الطفيل"، لما انهزم في نفر من أصحابه يوم "الرقم" "حتى انتهوا إلى ماء يقال له المرورات، فقطع العطش أعناقهم فماتوا، وخنق ابن الطفيل نفسه مخافة المثلة، فقال في ذلك عروة بن الورد:
عجبت لهم إذ يخنقون نفوسهم ... ومقتلهم تحت الوغى كان أعذرا4