وقد بخل الأخباريون على عدنان، فلم يمنحوه من الولد غير ولدين، هما: معد، والحارث وهو عكّ1. وأمهما: منهاد بنت لهم بن جليد بن طسم2. وقد بخلوا عليه بأسماء نسائه أيضًا على ما يظهر، إذ لم يذكروا لنا اسم زوجة أخرى له. ولا ندري نحن، وقد عشنا بعدهم بقرون، سر هذا البخل الشنيع.
ومن نسل هذين الولدين تفرعت قبائل عدنان، فأولد معد نزارًا3، وأضاف بعض النسابين قضاعة إليه. وأمهما معانة بنت جوشم بن جهلمة بن عامر بن عوف بن عديّ بن دُب بن جرهم4. وقد أشرت إلى اختلاف النسابين في نسب قضاعة وإرجاع بعضهم إياه إلى معدّ وبعضهم إلى قحطان، وإلى محاولة كل فريق جرهم إليه، لعوامل سياسية بحتة وإن اكتسبت صبغة نسب وأصل وحسب، فالموضوع هو تكتل وتحزب وتنافس. وقضاعة كتلة من القبائل كبيرة، لذلك كان لاجتذابها إلى أحد المعسكرين السياسيين المتطاحنين أهمية عظيمة في سياسة ذلك العهد، لذلك نجد نَسّابي كل فريق يحاولون جهدهم إثبات نسب قضاعة في فريقهم، حريصين على نفي نسبتها إلى الفريق المعارض، وإخراجها منها، وتفنيد حجج الخصوم. هذا أبو عبد الله الزبيري "156 - 236هـ" وهو قرشي، ومعدود من مشاهير النسابين، يذكر نسب قضاعة فيقول: "وقد انتسبت قضاعة إلى حمير، فقالوا: قضاعة بن مالك بن حمير بن سبأ، وأمه عُكبرة، امرأة من سبأ، خلف عليها معد، فولدت قضاعة على فراش معدّ، وزَوّروا في ذلك شعرًا فقالوا:
يا أيها الداعي ادعنه وأبشر ... ولكن قضاعيًّا ولا تَنَزّرْ
قضاعة بن مالك بن حمير ... النسب المعروف غير المنكرْ