فأخذ أخاه. وبلغ وجوه "بني حنيفة" الخبر، فأتوه فكلموه، فأبى إلا أن يقتله أو يعفو عنه جاره، وأبى أخو المقتول أخذ دية أخيه القتيل ولو ضُوعفت, فأخذ عندئذ "عمير" أخاه وقتله لغدره بجاره1.
ومن الأوفياء "أبو حنبل: جارية بن مر الطائي ثم الحنبلي". وكان من وفائه أن "امرأ القيس بن حجر الكندي" كان جارًا "لعامر بن جوين الطائي", فقبَّل "عامر" امرأة "امرئ القيس"، فأعلمته ذلك فارتحل إلى "جارية" ليستجير به. فلم يجده, ووجد ابنًا له أجاره، فلما جاء "جارية" ورأى كثرة أموال "امرئ القيس" طمع فيها، وعزم على الغدر بـ"امرئ القيس" ثم فكر في أمره ورأى أن الغدر عار، فعقد له جواره، ثم أخذه إلى "عامر بن جوين"، فقال لامرئ القيس: قبل امرأته كما قبل امرأتك, ففعل2.
ومنهم "المعلى الطائي"، أحد "بني تيم" من جديلة، وهم "مصابيح الظلام". وكان "المنذر" يطلب امرأ القيس، فلجأ إلى "المعلى" فأجاره، وبلغ المنذر مكان "امرئ القيس" فركب حتى أتى منزل المعلى، ولم يكن المعلى موجودًا، وأبى ابنه تسليم امرئ القيس إلى المنذر ومنعوه3.
ومن الأوفياء "عصيمة بن خالد بن سنان بن منقر"، وكان "النعمان" قد غضب على "بني عامر بن صعصعة"، فقتل منهم ناسًا وشردهم، فألجأهم "عصيمة" وأجارهم، فبعث إليه النعمان: "ابعث إليَّ بعبيدي" فأبى ونادى في قومه شعاره "كوثر"، وأقبل "النعمان" فأهوى "عصيمة" بالرمح إلى معرفة فرسه، ورجع الملك خائبًا. ثم كسا "عصيمة" "بني عامر" وبلغهم مأمنهم4.
وقد عد الوفاء محمدة وواجبًا، ولأجل توكيد الوفاء وترسيخه كانوا يضعون رهنًا، قد يكون ثمينًا مثل أبناء سادات القبائل، يقدمونهم رهينة لدى