ومن مظاهر العصبية: الاستغاثة, وهي أن يصيح الإنسان: وا غوثاه؛ طلبًا للعون والنصرة1, وعلى من يسمع نداء الاستغاثة من أهل المستغيث أو من رجال قبيلته أو الحلف الذي تكون قبيلته, فيد مد يد العون له ونصرته، ويعاب من يسمع الاستغاثة فلا يعمل على مساعدة المستغيث. وقد يهجو المستغيث قومه إذا تباطئوا في إغاثة المستغيث أو لم يستجيبوا لندائه، وقد يتبرأ منهم ويتركهم ليلحق بقوم آخرين.
ومن أخلاق الجاهلية المناداة بالنصرة2, وقد ذكرت معناها في العصبية فهي أيضًا وجه من وجوهها. ذكر أن الرسول قال: "انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا"، وتفسيره: أن يمنعه من الظلم إن وجده ظالمًا، وإن كان مظلومًا أعانه على ظالمه, والتناصر: التعاون. وقد حول الإسلام نصرة الجاهلية إلى تناصر، أي: تعاون وتعاضد لأن المسلمين إخوة, ويكون بالانتصار من الظالم وبالانتصاف حتى يؤخذ بحق المظلوم من الظالم3.