إلا أن يدرَك بثأره، وإذا أدرك بثأره بكينه1.

ويشبه الثأر أن يكون عقيدة من العقائد الدينية عند العرب؛ لما يكتنفه أحيانًا من "حلف" و"قسم" بوجوب الأخذ بالثأر, ولما تحوط به من شعائر يحافظ عليها من أخذ على نفسه القسم بوجوب الأخذ بالثأر. وهي من شعائر الدين عند الجاهليين، ولا يتركها حتى يبرَّ بقسمه2.

وإذا عجز الإنسان عن أخذ ثأره بنفسه, استغاث بغيره لينجده على ثأره. وعلى من قبل نداء الاستغاثة ووافق على النجدة، مساعدة المستغيث في الأخذ بالثأر, وعدم تركه حتى يأخذ بثأره من طلبته.

وقد لعب الأخذ بالثأر دورًا خطيرًا في الإسلام كذلك, ولا سيما في الأحداث السياسية. فلما قُتِلَ "عثمان" ارتفع نداء: يا لثارات عثمان. قال حسان:

لتسمعن وشيكًا في ديارهم ... الله أكبر, يا ثارات عثمانا

ومن ذلك قولهم: "يا لثارات الحسين"، و"يا لثارات زيد" إلى غير ذلك3. وهو لا يزال يلعب دورًا خطيرًا في الحياة العربية إلى اليوم.

وقد عيَّر أحد الشعراء "بني وهب"؛ لأنهم أخذوا دية قتيل فاشتروا بها نخلًا، فقال لهم:

ألا أبلغْ بني وهب رسولًا ... بأن التمرَ حلو في الشتاء

أي: اقعدوا وكلوا التمر, ولا تطلبوا بثأركم4.

وهناك رجال ضُرب بهم المثل في إدراكهم الثأر, ويقال للواحد من هؤلاء: البيهس5.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015