ولا أستبعد أن يكون قد نظمه بعد زوال ملك "الغساسنة"، وقد أنشده أمام أحد الغساسنة المتأخرين، ولم يكن ملكًا بالمعنى المفهوم من الملك.
وقد رثى حسان بن ثابت رجلًا من غسان قتله كسرى، ولم يذكر اسمه، ولا الأسباب التي حملت كسرى على قتله، ولا الأحوال التي قتل فيها1. ويظهر من سياق الشعر الذي رُثي به ذلك القتيل أن هذا القتيل قد وقع بعد أفول نجم آل غسان وإدبار الدنيا عنهم، ولعله كان قد قتله بعد احتلال الفرس لبلاد الشأم. فكان هذا الغساني من المعارضين للفرس المناوئين لهم، ولذلك قتلوه في فترة احتلالهم لها.
وقد أشار "أبو الفرج الأصبهاني" إلى أمير غساني سماه: "يزيد بن عمرو الغساني"، ذكر أنه قتل الحارث بن ظالم2. ولا نعرف من أمر هذا الأمير شيئًا يذكر. وهناك روايات أخرى تنسب قتل الحارث إلى "النعمان الغساني"، على حين تنسبه روايات ثالثة إلى آل لخم ويرجع نولدكه الرأي الأخير3.
وقد ورد في شعر لحسان بن ثابت هجاه لـ"سلامة بن روح بن زنباع الجذامي"، وكان يلي العشور للروم. ولا بد أن يكون ذلك في أيام الغساسنة المتأخرين. وقد شبهه بـ"دمية في لوح باب"، أي كأنه صورة مصورة، أو صنمًا معلقًا على لوح باب4.
ومن الأماكن التي وردت في شعر "حسان بن ثابت" على أنها من مواضع الغساسنة "الجواء" و"عذراء"، وهما موضوعان بالشأم بأكتاف دمشق. وإلى "عذراء" هذه يضاف "مرج عذراء"، وكانت في هذه المواضع منازل بني جفنة، لذلك ذكرها "حصان" في شعره5. وذكر كذلك "بطن جلق" و"البلقاء"، و"المحبس" , و"السند" و"بُصرى" و"جبل الثلج"6.
أما ما يفهم من شعر "حسان" وغير حسان من شمول ملك الغساسنة مدينة