ثم انتصر عليهم في معركة أخرى فيما بعد1. ويرى نولدكه أن المعركة الأولى هي عين أباغ2.
والمنذر هو أبو كرب الذي ذكر اسمه في نص سرياني عثر عليه في إحدى ضواحي تدمر، وهو نص ديني ورد فيه اسم الأسقفين يعقوب وثيودور، وهما: يعقوب البرادعي وصاحبه3.
لقد حث سوء تفاهم بين القيصر "يسطينوس" "justinus" وبين المنذر تطور حتى صار قطيعة. ولما أحس المنذر بأن القصر قد دبر له مؤامرة، وأنه أمر عامله البطريق "مرقيانوس" "marcianus" بأن يحتال عليه ليقتله، تمرد على الروم، وغادر أرضهم إلى البادية، فانتهز عرب الحيرة هذه الفرصة المؤاتية فأمعنوا في غزو بلاد الشام، وإيقاع الرعب في نفوس سكان القرى المجاورة لهذه الحدود مما حمل الروم على مراسلة المنذر والتودد إليه لاسترضائه، حتى إذا ما تلطف الجو أرسلوا إليه البطريق "يوسطنيانوس" ليجتمع به في مدينة الرصافة عند قبر القديس "سرجيوس" لإقناعه بترك موقفه والموافقة على العودة إلى محله. وعند القبر المقدس عقد الصلح بينهما في صيف سنة "578 م". فعاد المنذر إلى أرضه، ليقوم بالدفاع عن حدود الشأم4.
وقد أشار ابن العبري إلى هذا الحادث، فذكر أن العرب "طياية" كانوا منقسمين إلى جماعتين: جماعة المنذر بن الحارث "منذر برحيرت" "mundar bar herath"، وكان نصرانيًّا وكذلك كان جنوده وجماعة قابوس، فهاجم قابوس وجنوده العرب النصارى، وقصد بذلك الغساسنة، واستاق ما وجده أمامه من ماشية، ثم قفل إلى بلاده. فلما رأى المنذر ما حدث، جمع جيشًا هجم به على قابوس، فتغلب عليه، ورجع بغنائم عديدة وعدد كبير من الإبل. وعاد قابوس فهاجم المنذر. غير أنه مُني بهزيمة ثانية اضطرته إلى طلب النجدة من الفرس. فأخبر القيصر يسطينوس بذلك، وطلب منه إمداده بالمال ليؤلف به جيشًا يقف أمام الفرس، فاستاء القيصر منه، وقرر التخلص منه بقتله، لظنه