الحيرة إجمالًا، ثم ذكرها تفصيلًا بما يقابل ذلك من سني حكم الأكاسرة دون الإشارة أبدًا إلى ما يقابل ذلك أيضًا بالقياس إلى القياصرة، نستطيع أن نقول إن ابن الكلبي لم يغرف من موارد تأريخية استندت إلى تواريخ الروم أو السريان، وإنما غرف من مناهل تأريخية فارسية أو معتمدة على الموارد الفارسية، ومن موارد أهل الحيرة وهي موارد يظهر أنها لم تكن تعتمد على أصول قديمة مدونة لتواريخ الحيرة؛ لأن أكثر ما رووه لا يختلف في طبيعته في الغالب عن النوع الذي ألفناه من أخبار الأخباريين.

وقد جزأ الطبري قائمة ابن الكلبي لملوك الحيرة، فوضعها قطعًا قطعًا في ثنايا حديثه عن ملوك الفرس وفي المناسبات، ولم يذكرها جملة واحدة في مكان واحد، أو في فصل مستقل خاص كما فعل غيره من المؤرخين، وتبلغ جملة ملوك الحيرة عشرين ملكًا، وقد ذكر مع كل ملك مقدار ما حكمه من سنين وأسماء من عاصرهم ذلك الملك من الأكاسرة.

أما هؤلاء الملوك فهم:

1- عمرو بن عدي، وقد عاش مئة وعشرين سنة وحكم على حد قول ابن الكلبي مئة سنة وثماني عشرة سنة من ذلك في زمن "أردوان" و"ملوك الطوائف" خمس وتسعون سنة وفي زمن ملوك فارس أي الساسانيين ثلاثًا وعشرين سنة. من ذلك في زمن أردشير بن بابك أربع عشرة سنة وعشرة أشهر وفي زمن سابور بن أردشير ثماني سنين وشهران.

2- امرؤ القيس البدء. وقد عاش مملكًا في عمله مئة سنة وأربع عشرة سنة من ذلك في زمن سابور بن أردشير ثلاثًا وعشرين سنة وشهرًا، وفي زمن هرمز بن سابور سنة وعشرة أيام، وفي زمن بهرام بن هرمز بن سابور ثلاث سنين وثلاثة أشهر وثلاثة أيام، وفي زمن بهرام بن بهرام بن هرمز بن سابور بن أردشير ثماني عشرة سنة، ولكنك إذا جمعت هذه المدد وقابلت حاصل الجمع، وجدت فرقًا كبيرًا بين ما زعمه ابن الكلبي من أنه حكم 114 سنة، ثم ما زعمه هو نفسه من حكم هذا الملك مجزءًا بالنسبة إلى ملوك الفرس.

3- عمرو بن امرؤ القيس، وقد حكم على رواية ابن الكلبي أيضًا ثلاثين سنة. وعاصر من الملوك سابور وأردشير بن هرمز بن نرسي وبعض أيام سابور بن سابور.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015