لابن الكلبي أشرت إليها سابقًا، هي دعواه أنه كان يستخرج أخبار العرب وأنساب آل نصر بن ربيعة ومبالغ أعامر من عمل منهم لآل كسرى وتأريخ سنيهم ممن بيع الحيرة، وفيها ملكهم وأمورهم كلها1. فدعاوى مثل هذه لا تصور لنا وقوع اختلاف كبير بين الأخباريين في أسماء ملوك الحيرة: ومبالغ أعمارهم وتأريخ سنيهم وأمثال ذلك، مع إننا نجد بين الأخباريين اختلافًا غير يسير في أسماء الملوك وفي ترتيب توليهم الحكم ومقدار سنيهم وأمثال ذلك. والعجب أنهم يعتمدون على مورد أو موارد مشتركة قد يشيرون إليها، ثم إذا بهم يختلفون في أمور ما كان ينبغي وقوع اختلاف ما فيها لأخذها من مورد مشترك أو موارد مشتركة.

وعدة ملوك الحيرة قد يزيد على العشرين ملكًا بقليل عند بعض الأخباريين، وقد ينقص عن هذا العدد عند بعض آخر. وقد ذهب المسعودي إلى أن عدة ملوكهم ثلاثة وعشرون ملكًا من بني نصر وغيرهم من العرب والفرس، وأن مدة ملكهم ستمائة سنة واثنتان وعشرون سنة وثمانية أشهر2، وذهب حمزة إلى أن مدة ما حكمه ملوك الحيرة منذ عهد عمرو بن عدي الذي اتخذها منزلًا إلى أن وضعت الكوفة واتخذت منزلًا في الإسلام هي خمسمائة وبضع وثلاثون سنة3.

ونحن إذا فحصنا القوائم التي سجلها الأخباريون لملوك الحيرة، وفحصنا ما ذكروه من مدة حكم كل ملك إجمالًا، ثم قابلناه بما ذكروه بالنسبة إلى حكم ذلك مجزءًا على مدد حكمه بالقياس إلى من حكم في زمانه من ملوك الفرس، نجد اختلافًا بين ما ذكروه إجمالًا ثم ما ذكروه تفصيلًا، كذلك نجد مثل هذا الاختلاف بين المدة الإجمالية التي ذكروها لعمر مملكة الحيرة وبين المدد التي ذكروها لحكم كل ملك أيضًا على وجه الإجمال، مما يدل على أنهم لم ينتبهو إلى ملاحظة أمثال هذه الأمور الضرورية للمؤرخين.

ونجد قائمة "ابن الكلبي" لأسماء ملوك الحيرة ومدد حكمهم ومقدار حكم كل ملك بالنسبة إلى من عاصره من ملوك الفرس مدونة في تأريخ الطبري وفي تأريخ حمزة وفي تواريخ أخرى. ولاقتصار ابن الكلبي على ذكر مدد حكم ملوك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015