وآل قبيصة من الأسر المعروفة في الحيرة، وقد سبق أن عهدت إلى إياس إدارة مهمات الحكومة بعد وفاة المنذر، فمكث أشهرًا ملكًا يدير أمور الملك إلى أن أعطي التاج للنعمان أبي قابوس. ويظهر من روايات الأخباريين أنه كان مقربًا من كسرى؛ لأنه ساعده حينما هرب من بهرام، وأهدى إليه فرسًا وجزورًا؛ ولأنه عاونه في نزاعه مع الروم1. فلما فر أبناء النعمان بعد مقتل والدهم، وتشتت شمل البيت المالك مدة، تذكر كسرى فضل هذا الرجل عليه فعينه ملكًا على الحيرة، وعين معه رجلًا فارسيًّا اختلفوا في اسمه، فقالوا: "الهمرجان" و" البحرجان" و"النخرجان" و"التخرجان"2. وهو اختلاف يسير، يعود سببه على ما يظهر إلى عدم تمكن النساخ أو الرواة من ضبط الكلمة. والظاهر أنها وظيفة ومركز، حسبها الرواية اسم علم، فأطلقوها على شخص3. وقد كان كسرى قد عينه مدة أشهر على الحيرة، وذلك قبل أن ينتقل الملك إلى النعمان4.

وذكر الأخباريون أن كسرى بن هرمز كان يتيمن بـ "إياس"، ويفزع إليه في حروبه ويعجبه، وأنه استنجد به في حربه مع قيصر، فتعقبه حتى أدركه في موضع "ساتيدما" فأثخن القتل في جنوده، ونجا قيصر في خواص من أصحابه بصعوبة. وأصيب إياس بمرض في هذه السفرة، أشار الأعشى في شعره إليه5. وللأعشى قصائد في مدح إياس، وكانت له صلة به، وقد أغدق عليه نعمه6.

وفي رواية ذكرها أبو الفرج الأصبهاني أن كسرى كان قد عين إياسًا على عين التمر وما والاها من الحيرة، وأطعمه ثلاثين قرية على شاطئ الفرات7. ويظهر من هذه الرواية ومن رواية وفاته في عين التمر ووجود أخيه فيها أن عين التمر كانت من مناطق نفوذ هذه الأسرة حتى في أيام ملك آل لخم.

وذكر "الدينوري" أن كسرى ولي أياس بن قبيصة الطائي ثمانية أشهر،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015