ويظهر من رواية لـ "يوحنا الأفسوسي" "John Of صلى الله عليه وسلمphesus" أن الملك قابوسًا انتهز الفرصة عند وفاة الحارث بن جبلة، فباغت الغساسنة بهجوم مفاجئ في عقر دارهم، فأسرع عندئذ المنذر بن الحارث وجمع جمعه، وفاجأه بهجوم مقابل لم يتمكن قابوس من الثبات له، فانهزم هزيمة منكرة بحيث لم ينج من أصحابه إلى القليل، وقد فر هو ومن سار معه من الناجين في اتجاه نهر الفرات تاركًا عددًا من الأمراء اللخميين أسرى في أيدي المنذر. غير أن المنذر سار في أثرهم حتى كان على ثلاث مراحل من الحيرة1، ويرى نولدكه أن هذه المعركة هي معركة عين أباغ2
وبعد قليل من هذه الهزيمة جرب قابوس حظه مرة أخرى، غير أنه مني بخسارة جديدة، وكانت هذه الغارة حوالي سنة "570م"3.
وجرب قابوس حظه مرة أخرى منتهزًا فرصة القطيعة بين المنذر والقيصر "يسطينوس" "Justinus"، وهي قطيعة لا نعلم أسبابها على وجه التحقيق، وإنما يعزو ابن العبري سببها إلى مطالبة المنذر للقيصر بدفع مال إليه ليتمكن به إعداد جيش قوي منظم يستطيع الوقوف به أمام الفرس4. فأغار على حدود الروم وتوغل في الأرضين التابعة لهم حتى وصل أتباعه إلى منطقة "أنطاكية"5. وقد دامت تحرشات "عرب الفرس" بحدود الروم ثلاث سنين هي مدة القطيعة، حيث كان المنذر قد ذهب مع أتباعه إلى الصحراء فاحتمى فيها، ولم تنقطع هذه التحرشات إلا بعد مصالحة الروم له في الرصافة. حينئذ جمع المنذر أتباعه وفاجأ المناذرة بهجوم خاطف كابدت منه الحيرة الأمرين، وأطلق من كان في سجون الحيرة من أسرى الروم. وقد وقعت هذه المفاجأة حوالي سنة "578م". ويظن "روتشتاين" أنها وقعت بعد وفاة قابوس في عهد المنذر الرابع أخي "قابوس" وخليفته في الملك6.
وقد ذكر "البكري" بيتًا من الشعر لأبي دؤاد وردت فيه إشارة إلى غزوة