ويجب أن نتذكر أن الشاعر "امرؤ القيس" كان أيضًا من معاصري "عمرو بن هند"، وهو شاعر جاهلي قديم، في نظر علماء الشعر، فيكون زمن أقدم شعر جاهلي، وصل خبره إلينا، هو النصف الثاني من القرن السادس للميلاد، أي في سنين لا تبتعد كثيرًا عن زمن ميلاد الرسول، كما سأتحدث عن ذلك في القسم الخاص بالناحية الثقافية للعرب قبل الإسلام.

وورد في إحدى قصائد الأعشى ما يفيد اتساع ملك عمرو بن هند وجباية كل ما بين عمان و"ملح" له1. ويذكر بعض الرواة أن المراد بـ "عمان" هنا "عمان" بلاد الشأم، وأما "ملح" ففي اليمامة من بلاد بني جعدة2.

ويذكر بعض الأخباريين أن عمرو بن هند كان على "بقة" يدير أعمالها في أيام أبيه المنذر، وإليه لجأ امرؤ القيس الشاعر المعروف مستجيرًا به؛ لأنه كان ابن عمته، فأجاره، ومكث عنده زمانًا. فلما سمع به المنذر، وكان يتعقبه، طلبه من ابنه، فأنذره عمرو، فهرب حتى أتى حمير مستجيرًا3.

وقد نسب إلى ابن هند غزوة غزا بها تغلب، فقيل: طلب "عمرو" من بني تغلب، حينما تولى الملك مساعدته على أخذ الثأر من بني غسان قتلة أبيه، وكانوا انحازوا عنه، وطلب منهم الرجوع إلى طاعته والغزو معه، فأبوا، وقالوا: مالنا نغزو معك. نحن رعاء لك فغضب عمرو بن هند، وجمع الجموع. فلما تهيأت، كان أول عمل قام به غزو تغلب، فأوجعهم وآذاهم، انتقامًا منهم، لامتناعهم عن نصرته ومعاضدته4. وقد أشار إلى هذا الحادث "الحارث بن حلزه اليشكري"5 الشاعر الجاهلي أحد أصحاب المعلقات.

ويذكر أهل الأخبار أن "الحارث بن حلزة" حضر مجلس "عمرو بن هند"،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015