بالسراديب والقنوات التي ترى بقاياها تحت أسوار تدمر وقلاعها إلى اليوم1.
أحضرت الزباء أمام القيصر، فقال لها: "صرت في قبضتنا يا زينب، ألست أنت التي أدت بك الجسارة إلى أن تستصغري شأن قيصر روماني"، فأجابت: "نعم، إني أقر لك الآن بكونك قيصرًا، وقد تغلبت علي. وأما غاليانوس وأورليوس وغيرهما، فلست أنظمهم في سلك القياصرة. وإنما بارتني فيكتورية في السلطنة والعز، فلولا بعد الأوطان لعرضت عليها أن تشاركني في الملك"2. فأثرت كلمات الملكة في نفس "أوريليانوس"، فمنحها الأمان. وقد أثر أسرها في نفوس التدمريين المتحصنين في بلدتهم، فرأى قسم منهم الاستمرار في الدفاع وعدم تسليم المدينة مهما كلف الأمر، ورأى قسم آخر فتح الأبواب والتسليم، وصاحوا من أعلى الأسوار في طلب الأمان، وفتحوا له أبواب المدينة في بدء السنة "273" للميلاد3. فدخلها دخول الظافرين، فقبض على حاشية الملكة السابقة ومستشاريها ومن كان يحرض على معارضة الرومان، واستصفى أموال الملكة وجميع كنوزها، وأخذ الزباء ومن قبض عليهم معه وتوجه بهم إلى "حمص"4.
وتذكر بعض الروايات أن القيصر كان أول ما فعله عند دخوله إلى المدينة أن توجه إلى معبد الإله "بعل" "رضي الله عنهel"، فشكر الإله وحمده على توفيقه له ونصره له على أهل تدمر. ثم اختار له قائدًا نصبه على "تدمر" اسمه "Sandarion" على رواية و"صلى الله عليه وسلمpsaeus" على رواية أخرى، ليحافظ على الأمن ويحكم المدينة. وجعل في إمرته حامية فيها ستمائة من الرماة، ثم غادر تدمر تاركًا أمرها إلى هذا القائد5.