إلا سليمان إذ قال الإله له ... قم في البرية فاحددها عن الفند

وجيش الجن إني قد أمرتهم ... يبنون تدمر بالصفاح والعمد1

ولا يصلح شعر النابغة ولا أمثاله من شعراء الجاهلية أن يكون حجة في بناء "سليمان" لتدمر. فمن الجائز أن يكون النابغة أو غيره، قد أخذ فكرته هذه من أهل الكتاب، ومن الجائز أن يكون هذا الشعر من وضع الوضاعين نسبوه إليه. وقد وضعت أشعار في الإسلام ونسبت إلى الجاهليين، وإلى آدم وهابيل وقابيل والجن وإبليس.

وبين الأخباريين من ينسب بناء "تدمر" إلى "تدمر بنت حسان بن أذينة بن السميدع بن يزيد بن عمليق بن لاوذ بن سام بن نوح". وذكروا قصة تفيد عثورهم على قبر "تدمر بنت حسان"2. وقد أعجبوا ببنائها ووصف الشعراء صورتين جميلتين من بقية صور كانت فيها. وقد حاصرها خالد بن الوليد ثم ارتحل عنها فبعث أهلها رسلًا وصالحوه على ما أدوه له ورضي به3. أما قصة العثور على قبر في تدمر ووجود جثة فيه، فأمر ليس ببعيد ولا بغريب. وأما قصة "تدمر بنت حسان" ونسبها والكتابة التي على قبرها، فهي من وضع الأخباريين والقصاص ولا شك4.

وقد أشار "بلنيوس" "بلينيوس" إلى مدينة "Palmyra"، وهو أول كاتب "كلاسيكي" عرض لها، فذكر أنها مدينة شهيرة، ولها موقع ممتاز أرضها خصبة، وبها ينابيع وعيون، تحيط بحدائقها الرمال. وقد عزلتها الطبيعة عن العالم ببادية واسعة الأطراف، بعيدة المسافات، وتقع بين إمبراطوريتين عظيمتين إمبراطورية "رومة"، وإمبراطورية "الفرث" "Parthia"، ولهذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015