وهي على اختلافها تشارك الكتابات العربية التي عثر عليها في العربية الحنوبية أو في المواضع الأخرى من جزيرة العرب في كونها شخصية في الغالب. كتبت في أمور خاصة، لا علاقة لها بالمجموع. فهي لا تفيد المؤرخ إفادة مباشرة، ولكنها تفيد الباحثين من غير شك في أمور أخرى، تفيدهم في الدراسات اللغوية مثلًا، فهي كنز لا يقدر بثمن من هذه الناحية. أما الكتابات العامة، أعني النصوص التي لها علاقة مباشرة بالدولة وحياة الشعب وبساسة الحكومة أيام السلم أو الحرب، فهي قليلة جدًّا -ويا للأسف- مع أنها المادة الأساسية في كتابة التاريخ1.
والكتابات النبطية المؤرخة مثل الكتابات السامية الأخرى، قليلة بالنسبة إلى الكتابات الغفل من التأريخ. أما طرائق توريخ الحوادث عند النبط، فكانت متعددة منها التوريخ بأيام الملوك كأن يذكر اسم الشهر الذي دون فيه النص، ثم يذكر بعده عام التدوين، فيقال مثلًا: "في شهر كذا من سنة كذا من حكم الملك....." "بيرح.... شنت.... ملك نبطو....". وقد استعملت هذه الطريقة في أيام استقلال النبط خاصة. والتوريخ بسني حكم قياصرة "رومة" وذلك بذكر الشهر الذي دونت فيه الكتابة، ثم السنة المصادفة من سني حكم القيصر الذي في أيامه جرى التدوين، أو السنة المصادفة دون الإشارة إلى اسم الشهر2.
وقد عثر على كتابات مؤرخة بسني حكم "القناصل"، وعلى كتابات أخرى أرخت بتقويم "بصرى"، ومبدأه اليوم الثاني والعشرون من شهر "آذار" من سنة "106" بعد الميلاد، وقد أرخ به في كتابات "طور سيناء" كذلك3. وظلت الأقسام الجنوبية من "الكورة العربية" تؤرخ به حتى بعد فصلها من هذه الكورة وإلحاقها بـ "كورة فلسطين"4. وأرخ بالتقويم "السلوقي"، وأوله