بغزوها, إن قاومت مصالحهم وتعرضت لسفنهم ولتجارتهم، وذلك بتحريض الجيش على النزول بها. وقد سبق للأحباش أن استولوا عليها، كما سبق للرومان أن استولوا على بعض مواضع من العربية الجنوبية مثل "عدن" في أيام "كلوديوس" "41-54م" أو قبل ذلك بقليل1. ولا يستبعد أن يكون للروم دخل في الغزو الذي قام به الأحباش لليمن والذي بقي من سنة "300" حتى سنة "370ب. م"2. وقد ذكر أن القسطنطينية كانت المحرضة لحكومة الحبشة على غزو اليمن أيضًا في سنة "525م"، وقد امتد حتى سنة "570م" أو "575م"3.
ولما عاد الأحباش إلى اليمن حيث بقوا فيها مدة قصيرة، كَرَّ الفرس عليهم فطردوهم منها في حوالي سنة "575م" "595م"، وصارت اليمن من سنة "575م" "595م" حتى الفتح الإسلامي مقاطعة تابعة للساسانيين4. وقد أصيبت مصالح البيزنطيين بأضرار بليغة من هذا التحول السياسي العسكري، وأصيبت بضرر بليغ آخر كذلك في أيام "كسرى برويز" "590-628م" الذي هاجم الإمبراطورية البيزنطية واستولى على مصر وفلسطين، وقطع بذلك عنها شرايين التجارة العالمية المهمة. والبيزنطيون وإن استعادوا ما فقدوه في مصر وبلاد الشأم بعد مدة قصيرة، فعاد الساسانيون إلى مواضعهم، إلا أن الحروب المتوالية كانت قد أنهكت الطرفين: البيزنطيين والساسانيين، وأضرت بالوضع الاقتصادي، وجعلت الناس يتذمرون في كل مكان من سوء سياسة الإمبراطوريتين، ويودون التخلص من الفرس واليونان؛ لذلك لم يكن من المستغرب سقوط الأرضين التي كانت خاضعة لهم بسرعة مدهشة في أيدي المسلمين.
ولما وصلت الجيوش الإسلامية بلاد الشأم، رَحَّبَ أهلها بصورة عامة بها. وقد نظر البيزنطيون إلى الإسلام على أنه نوع من أنواع "الآريوسية" صلى الله عليه وسلمrrianism المنسوبة إلى الكاهن "آريوس" المتوفى سنة "336م", أو أنه مذهب من المذاهب النصرانية المنشقة عن الكنيسة الرسمية, وقد تعودوا على سماع أخبار وقوع