ولم يذكر "ملخوس الفيلادلفي" أسماء الأرضين التي كانت في حكم "امرئ القيس"، ويرى "موسل" أن هذا الرئيس كان ينزل في بادئ الأمر مع قبيلته في "الوديان" و"الحجيرة" أيام كانت علاقاته بالفرس حسنة. ومن "الحجيرة" هاجر مع قبيلته إلى "دومة الجندل"، ومنها توسع فاستولى على أرضين من "فلسطين الثالثة" Palestina Tertia وهي "العربية الحجرية". ثم استولى على جزيرة Iotaba، وهي على رأيه جزيرة "تاران" "تيران"1, وذكر "ياقوت" أن سكانها قوم يعرفون بـ"بني جدان"2.
ولعل هذه الجزيرة هي جزيرة صلى الله عليه وسلمinu التي ذكرها "بطلميوس"3، أخذ تسميته هذه من "حنو" "حاينو" Hainu "حينو" الاسم الذي كانت تعرف به عند الأنباط4.
وامرؤ القيس هذا، هو مثل واحد من أمثلة عديدة على سادات قبائل راجعوا البيزنطيين لاستمداد العون منهم، وللحصول منهم على اعتراف رسمي بتنصيبهم رؤساء على الأعراب النازلين في ديار خاضعة لسلطانهم أو لمساعدتهم في مقارعة عرب الحيرة أو الفرس.
وقد ذكر أهل الأخبار أسماء رجال, قالوا: إنهم ذهبوا إلى الروم لهذه الغاية، وبعضهم ممن كان يقيم في أرضين بعيدة عن سلطانهم، والظاهر أن مثل هذا الاعتراف كان يكسب الرئيس قوة، ويمنحه منزلة ومكانة في تلك الأيام، وإن كان الروم على مبعدة من الرئيس وليس لهم حول مادي يقدمونه إليه.
ولا نجد في الموارد اليونانية أسماء من حكم من رؤساء القبائل في بلاد الشأم بصورة منتظمة قبل الغساسنة، إلا أن الإخباريين يذكرون أن الغساسنة لما جاءوا إلى بلاد الشأم من اليمن بعد "انتقاص العرم"، وجدوا "الضجاعمة" قد ملكوا البلاد قبلهم، وهم "آل سليح بن حلوان"، وهم من قضاعة، فقتلوهم وأخذوا مكانهم5. ولا بد أن يكون الضجاعمة قد سُبِقُوا بغيرهم ممن لم يقف أهل الأخبار