ثم لم نسألْه عن الواحدِ.
قوله: "أيُّما مسلم شهد له أربعة بخير أدخله الله الجنة"؛ يعني: ومَن شهد له أربعةٌ أو ثلاثةٌ أو اثنان بالخير، فالظاهر والغالب من حاله أنه رجل صالح حتى يشهدوا له بالخير، وإذا كان صالحًا أدخله الله الجنة بفضله، وبسبب خيره وصلاحه، وربما يكون له ذنبٌ فيغفر الله تعالى ذنبه ويدخله الجنة؛ لتصديقِ ظنِّ المؤمنين في كونه صالحًا.
ويحتمل أن يريد بقوله: (شهد له أربعة) صلاةَ أربعةٍ أو ثلاثة أو اثنين عليه ودعاءَهم وشفاعتهم له، فيقبل الله دعاءهم له.
* * *
1185 - وقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تَسُبُّوا الأَمواتَ، فإنهم قد أَفْضَوا إلى ما قَدَّموا".
قوله: "قد أفضوا إلى ما تقدموا"، رواه عائشة.
"أفضوا": أصله أَفْضَيُوا، فقلبت الياء ألفًا وحذفت، ومعناه: وصلوا إلى ما أرسلوه إلى الآخره من الأعمال؛ يعني: كما لا يجوز غيبةُ الأحياء، لا يجوز غيبةُ الأموات.
* * *
1186 - وعن جابر - رضي الله عنه -: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كانَ يجمعُ بين الرَّجُلينِ مِنْ قتلى أُحُدٍ في ثوبٍ واحدٍ، ثم يقولُ: "أيُّهم أكثرُ أخذًا للقرآن؟ "، فإذا أُشيرَ له إلى أحدٍ قَدَّمَهُ في اللَّحدِ، وقال: "أنا شهيدٌ على هؤلاءِ يومَ القيامةِ"، وأَمَرَ بِدَفْنِهِمْ بدمائِهم، ولم يصلِّ عليهم ولم يُغسلوا.