قوله: "ليس ذلك"؛ يعني: ليس "حق الحياء" أن تقولوا باللسان: إنا نستحيي، أو يكون في قلوبكم الاستحياء من الله ولم تتركوا المناهي، بل حقيقة الاستحياء: الإتيان بأوامر الله وترك المناهي.

قوله: "فليحفظ الرأس وما وعى"، (وعى): إذا حفظ؛ يعني: فليحفظ رأسه، وما وعاه الرأس؛ أي: وما في الرأس من السمع والبصر واللسان.

يعني: لا يستعمل رأسه في غير خدمة الله تعالى بأن يسجد - نعوذ بالله - لصنم، أو يسجد عند أحد تعظيمًا له، أو يصلي للرياء، ولا يبصر بعينه، ولا يسمع، بأذنيه، ولا يتكلم بلسانه ما لا يجوز.

قوله: "وليحفظِ البطن وما حوى"، (حَوَى): إذا جَمَع؛ يعني: فليحفظ البطن وما يجتمع اتصاله بالبطن من الفرج والرجلين واليدين والقلب، فإن هذه الأعضاء متصلة بالجوف؛ يعني: لا يأكل إلا الحلال، ولا يستعمل هذه الأعضاء في المعاصي.

"البلَى": مصدر من (بَلِيَ يَبْلَى): إذا صار الشيء خلقًا مُتَفَتِّتَاً (?)؛ يعني: اذكروا صيرورتكم في القبر عظامًا بالية، فمن ذكر هذا يهيئ زاد الآخرة، ولا يتكبر، ولا يَعْلَقُ قلبُه بالدنيا.

* * *

1143 - وقال: "تُحفَةُ المُؤمن المَوتُ".

قوله: "تحفة المؤمن الموت"؛ يعني: يكون الموت عند المؤمن عزيزًا، ولا يتأذَّى منه؛ لأنه شيء أعطاه الله إياه، وما أعطاه الحبيبُ يكون عزيزًا عظيم القدر، ولأن الموت منه سببُ وصول العبد المؤمن إلى الله تعالى، وما هو سبب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015