و (الذَّاقِنة): طرف الحلقوم؛ يعني: وضع رسول الله - عليه السلام - رأسه على ترقوتي عند النَّزع.
قولها: "فلا أكرهُ شدَّةَ الموتِ لأحد"؛ يعني: ظننْتُ شدَّةَ الموت من كثرة الذنوب، وظننتُها من علامة الشَّقاوة وسوء حال الرَّجُل عند الله، وهذا قبل موت رسول الله - عليه السلام -، فلما رأيت شدَّةَ موت رسول الله - عليه السلام - علمت أن شدة الموت ليست بعلامة الشقاوة، ولا بعلامة سوء حال الرجل؛ لأنه لو كان كذلك لم يكن لرسول الله - عليه السلام - شدَّة، بل شدة الموت؛ لرفع الدَّرجة، ولتطهير الرجل من الذنوب، فإذا كان كذلك فلا أكره شدة الموت لأحد بعدما علمْتُ هذا.
* * *
1101 - وقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "مثَلُ المؤمنِ كمثل الخامَةِ من الزرعِ، تُفَيئُها الرياح، تصرعها مرة، وتَعْدِلها أُخرى حتى يأتِيَه أجلُه، ومثَل المنافقِ كمثَل الأَرْزَةِ المُجْذِيَةِ التي لا يصيبها شيءٌ، حتى يكون انجِعافُها مرةً واحدةً".
قوله: "كمثل الخامة من الزرع"، (الخَامَة): الغصنُ الرَّطب من الزرع.
"تُفَيئُهَا"؛ أي: تحرَّكها وتميلها.
"وتَصْرَعُهَا"؛ أي: تسقطها.
"وتَعْدِلُهَا"؛ أي: وتقيمها؛ أي: تسقطها الرياح من جانب اليمين إلى جانب اليسار، ومن اليسار إلى اليمين.
قوله: "حتى يأتيه أجله"؛ يعني: يصيب المؤمن أنواع المشقة من الجوع والخوف والمرض وغير ذلك حتى يموت، وكل ذلك من أثر السعادة بحصول الثواب له.