مرضيًا لم يصيِّر الله تعالى جبريل على تلك الهيئة.
والثالث: زمان طلب العلم هو زمان الشباب؛ لأن سواد الشعر يكون في زمان الشباب؛ فإن الشابَّ إذا صرف مدة من عمره في طلب العلم، تبقى مدة أخرى من عمره إلى زمان الشيخوخة يعمل بذلك العلم ويعلمه الناس.
وفي الجملة: طلبُ العلم قدرَ ما يعرف به الرجل صحةَ ما يجب عليه وفسادَه فريضةٌ على كل بالغ عاقل من الرجال والنساء والشبان والشيوخ، وأما قدرُ ما زاد على ما يجبُ عليه فمستحبٌّ أيضًا للشبان والشيوخ، إلا أنه في حق الشبان أكثر استحبابًا.
وفي الجملة: طلبُ العلم بقدرِ ما يصير الرجل صاحبَ الإفتاء والاجتهاد والقضاء فرضٌ على الكفاية، ينبغي أن يكون بكلِّ ناحية رجلٌ واحد بهذه الصفة حتَّى يفتيَ ويقضيَ ويقومَ ويحفظَ أمورَ الشرع، وإن لم يكن في ناحية واحدٌ بهذه الصفة، عصى جميعُ أهل تلك الناحية حتى يبلغَ واحدٌ منهم إلى هذه الصفة في العلم.
قوله: "لا يُرى عليه أثر السفر، ولا يعرفه منا أحد"؛ يعني: تعجَّبنا من كيفية إتيانه، ووقع في خاطرنا: أنه ملك، أم من الجنِّ؛ لأنَّه لو كان بشرًا؛ إما إن كان من المدينة أو غريبًا، ولم يكن من المدينة؛ لأنا لا نعرفه، ولم يكن آتيًا من بُعدٍ؛ لأنه لم يكن عليه أثرُ السفر من الغبار وغيره.
قوله: "حتى جلس"، لفظُهُ: (حتَّى) متعلقٌ بمحذوف، وتقديره: أستأذنَ وأتى حتى جلس عند النبي عليه السلام.
و (جلس إليه)؛ أي: وجلس بقربه.
"أسند": إذا اتكأ أحدٌ على شيء، أو وصل والتصق شيءٌ إلى شيء.
و (أسند ركبتيه)؛ أي: وضع جبريلُ ركبتيه متصلتين بركبتي رسول الله عليه