ومعنى: صدرت؛ أي: خرجت وجاءت عن (صدر النبوة)؛ أي: عن لسان من له صدر النبوة، وصدر القوم: أجلُّهم وأكبرهم في الرتبة؛ يعني به: عن سيد المرسلين.
(السنن): جمع سنة، والسُّنة: السيرة والطريقة وصورة الوجه، والمراد بها ههنا: ما بيَّنه النبيُّ من أمور الدين.
(المعدِن) بكسر الدال: الموضعُ الذي يخرج منه الذهب والفضة والياقوت وغير ذلك من الجواهر؛ يعني به ها هنا: عمن هو موضع الرسالة.
(الرسالة): ما أرسل الله رسلَهُ به من أحكام الدين؛ يعني: هو الذي ظهر من أحكام الدين.
(الأحاديث): جمع أحدوثة، وهي ما يُحدَّثُ به، والحديث مثله، ويجوز أن تكون (الأحاديث) جمع: حديث، فيكون جمعًا على غير قياس.
و (الخاتم): اسم فاعل من (ختم يختم): إذا أتمَّ شيئًا وطبع عليه، كطبع صرة الذثهب وغيرها؛ يعني: نبينا محمدًا - عليه السلام - أتم النبيين، وختم عليهم؛ يعني: لا يجيءُ بعده نبي.
"هنَّ مصابيحُ خرجت عن مشكاة التقوى"، (هن)؛ أي: الأحاديث كالأنوار يهتدي المسلمون بنورها، ويتخلَّصون من ظلمة الكفر والجهل، ويصلون إلى نور الشريعة وفضاء الطريقة والحقيقة، فمن حفظ حديثًا واحدًا عن اعتقاد صحيح تنوَّر وأضاء ساحاتِ صدره، وارتحلت الظلمةُ الشيطانيةُ عن قلبه، فإن عمل به ازداد نورًا على نوره، فكلما يزيد الرجلُ حفظَ الأحاديث والعملَ بها يزداد نورًا على نوره حتى يظهر نورُ التجلي في فضاء قلبه، ويجلس سلطانُ الحقيقة على كراسي التقوى المصفوفة على فراش قلبه، فحينئذ لا يضرُّه من خذله، ولا من خالفه، ويستغفرُ له من في السماوات ومن في الأرض والحيتان