366 - وقال عمَّار - رضي الله عنه -: كُنَّا في سَرِيَّةٍ فأجْنَبْتُ، فتمعَّكْتُ فصلَّيْتُ، فذكرتُ للنَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "إنَّما كانَ يكفيكَ هكذا"، فضربَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بكَفَّيْهِ الأرضَ ونفخَ فيهما، ثمَّ مسحَ بهما وجهَهُ وكفَّيْهِ.
وفي روايةٍ قال: فأَتيتُ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "إنما يَكفيكَ أنْ تضربَ بيَدَيْكَ الأرضَ، ثمَّ تنفُخَ، ثمَّ تمسحَ بهما وجهَكَ وكَفَّيْكَ".
قوله: "كنا في سرية"، (السرية): قطعة من الجيش، يقال: خير السرية: أربع مئة رجل.
"فتمعكت"؛ أي: تمرَّغْتُ في التراب؛ أي: أوصلتُ التراب إلى جميع أعضائي، وظننتُ أن إيصال التراب إلى جميع الأعضاء واجبٌ في الجنابة، كإيصال الماء إلى جميع الأعضاء.
قوله: "فضرب النبي - عليه السلام - بكفيه الأرض ونفخ فيهما" إنما نفخ فيهما لأنه حصل في كفيه ترابٌ كثير، فنفخ فيهما ليَقِلَّ التراب، ولو نفخ حتى يذهب جميع التراب من الكف لم يجز التيمم عند الشافعي؛ لأن إيصال التراب إلى الوجه واليدين واجب عنده.
ويجوز عند أبي حنيفة رحمه الله؛ لأن إيصال التراب إلى الوجه واليدين غير واجب عنده، بل الواجبُ عنده ضربُ الكفين على وجه الأرض، وإن كان على حجر أملس.
وهذا الحديث يدل على أنه يكفي ضربةٌ واحدة للوجه والكفين، وبه قال أحمد والأوزاعي.
وأما عند مالكٍ والشافعي وأبي حنيفة: لا يجوز إلا بضربتين للوجه، وضربةٍ لليدين إلى المرفقين، بدليلِ حديث ابن عمر، وقد ذكر في آخر باب مخالطة الجنب.
* * *