"ثلاثًا ثلاثًا"، يعني: غسلَ كلَّ عضوٍ ثلاثًا ثلاثًا، وقال: هكذا الوضوء، فمن زاد على هذا فقد أساء بترْكِ الأدب بمخالفة رسول الله عليه السلام.
"وتعدَّى"، أي: جاوز الحد المحدود، وهو التوضؤ ثلاثًا ثلاثًا.
"وظلم"، أي: وظلمَ نفسَه لمخالفةِ رسول الله عليه السلام، أو لأنه أتعبَ نفسَه فيما زاد على الثلاث من غير حُصُولِ ثوابٍ له، أو لأنه أتلفَ الماءَ بلا فائدة.
* * *
288 - عن عبد الله بن المُغَفَّل - رضي الله عنه -: أنَّه سمعَ ابنهُ يقولُ: اللهمَّ إنَّي أسألُكَ القَصْرَ الأبيضَ عَنْ يمينِ الجنَّةِ، قال: أيْ بنيَّ، سَلِ الله الجنَّةَ، وتعوَّذْ بِهِ مِنَ النَّارِ، فإنَّي سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إنه سيكونُ في هذه الأُمَّةِ قوْمٌ يعتدونَ في الطُّهُورِ والدُّعاءِ".
قوله: "يَعْتَدُونَ في الدُّعاء والطَّهور"، معنى الحديث: أن ابن عبدِ الله بن مُغَفَّل بلغَه أنَّ عن يمين الجنةِ قصرًا أبيضَ فقال: اللهم إني أسألك القصرَ الأبيض، فقال له أبوه: أيْ بني! يعني: يا بني، لا تسألْ شيئًا معيَّنًا من الجنة؛ لأنه ربما يكونُ ذلك الشيءُ مقدَّرًا في تقدير الله لشخصٍ مُعيَّن غيرِك، فحينئذ سألتَ ما ليس لك، ومن سأل شيئًا ليس له فقد تعدَّى في الدعاء؛ لأنه طلبَ شيئًا ليس له، ومن سألَ شيئًا أكثرَ من قَدْره، أو سألَ شيئًا ليس له إليه حاجةٌ فقد تعدَّى في الدعاء.
وأما التعدِّي في الطَّهور: فهو أن يغسِلَ الأعضاءَ أكثرَ من ثلاثِ مرَّات، أو أسرفَ في إراقةِ الماءِ في الاستنجاء والوضوء والغُسْل.
* * *