ومعنى الحديث: أنه إذا قل العلم، وغلبَ المبتدِعُون، وَفَّقَ الله لعالمٍ رَبَّانيٍّ بأن يعلِّمَ الناسَ علومَ الدين، ويبيِّنَ لهم السنةَ من البدعة، ويكسِرَ أهلَ البدعة ويُذِلَّهم، ويؤيِّدَ الدِّين، ويُعِزَّ أهله، ويُكثرَ العلم بين الناس.
* * *
190 - وعن إبراهيم بن عبد الرحمن العُذْري أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يحملُ هذا العلمَ مِنْ كُلِّ خَلَفٍ عُدُولُهُ، يَنفُون عنهُ تَحْريفَ الغالِيْن، وانتِحالَ المُبْطِلين، وتأْويلَ الجاهلين". والله أعلم وأحكم.
قوله: "يَحْمِلُ هذا العلمَ"، أي: يحفَظُ عِلْمَ الدين، وهذا إشارةٌ إلى عِلْم الدِّين الذي صَدَر عن رسول الله - عليه السلام - من الكتاب والسنة؛ أي: يأخذه ويقوم بإحيائه وتعليمه.
قوله: "من كلَّ خَلَفٍ عُدُوله"، الخَلَفُ بفتح اللام: الرجلُ الصالحُ الذي يأتي بعده، ويقوم مَقامه، ويستوي في لفظ الخَلَف الواحدُ والتثنيةُ والجمع.
والسَّلَف بفتح اللام: الجماعةُ الماضية، والخَلَفُ مَنْ يأتي بَعدَهم، يعني: كلُّ قرنٍ يأتي بعد قرن، فمَنْ كان منهم عَدْلًا صاحبَ التقوى والديانةِ يحفظ هذا العلم، ويقوم بإحيائه.
قوله: "ينفون عنه تحريفَ الغَالِين"، نفى ينفي على وزن ضرب يضرب: إذا طردَ وأبعد، وأصل ينفون: ينفيون، فنُقِلَت ضَمَّةُ الياء إلى الفاء، وحذفت عنه؛ أي: عن هذا العلم.
(التحريف): التبديل، (الغالين): أصلُه: غاليين فأُسكنت الياء الأولى؛ لثقل الكسرة عليها، وحذفت لالتقاء الساكنين، وهو اسم فاعلين من غلا يغلو إذا جاوز الحد.