التفاوت بين نور القمر ليلة البدر وبين نور الكواكب، يكون التفاوت بين فضل العالم وفضل العابد، والمراد بـ (العالم) العالم الذي له اعتقاد صحيح وله أداء فرائض الله تعالى، ولكن لا يشتغل بنافلة الصلاة والصوم وغيرهما من العبادات لاشتغاله بتحصيل العلم، والمراد بـ (العابد) هنا: هو الذي يَعلم من العلم ما تصح به عباداته، ولكن لا يشتغل بالعلم الذي ليس عليه فرض؛ لاشتغاله بالعبادات.

قوله: "وإن العلماء ورثة الأنبياء"؛ يعني: كما أن أولاد الرجل يرثون ويأخذون ماله بعد وفاته، فالعلماء يرثون ويأخذون العلم من الأنبياء، وينقلون العلم عنهم وينشرونه ويظهرون دينهم، ومحبة الأنبياء للعلماء أكثر من محبة الآباء للأولاد؛ لأن وصول النفع من العلماء إلى الأنبياء أكثر من وصول النفع من الأولاد لآبائهم.

قوله: "أخذ بحظ وافر"، (الحَظُّ): النصيب، و (الوافر): التام الكامل؛ يعني: فمن أخذ العلم من الأنبياء يكون حظه أكثر من حظ الذي أخذ المال.

* * *

162 - وقال أبو أُمامة الباهليُّ: ذُكِرَ لرسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - رَجُلانِ أحدُهُما عابِدٌ والآخَرُ عالمٌ، فقالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "فضلُ العالِمِ على العابدِ كفَضْلي على أَدناكُمْ"، ثم قالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ الله وملائكتَهُ وأهلَ السَّماواتِ والأرضِ حتَّى النَّملَةَ في جُحْرِها وحتَّى الحوتَ لَيُصلُّونَ على معلِّمِ النَّاسِ الخير".

قوله: "ذُكِرَ لرسول الله"؛ يعني: وُصِفَ عند رسول الله عليه السلام رجلٌ بالعبادة ورجل بالعلم، وسئل: أيهما أفضل؟ فقال رسول الله عليه السلام: "فضل العالم على العابد كفضلي على أدنى رجل منكم".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015