كان في الجاهلية صاحب أخلاق حميدة وأعمال وأحوال وأقوال مرضيَّةٍ كالحلم والكرم والكلام الطيب والشجاعة والسخاوة وغيرها، ثم أسلم وصار فقيهًا في الدين= فهو خير من الذي أسلم وفقه في الدين، ولم يكن له غير الفقه صفة مرضيَّة.
قوله: "خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام"؛ يعني: مَنْ كان له شرف على غيره قبل الإسلام، فكذلك يكون له شرف على غيره في الإسلام إذا كان مساويًا لغيره في العلم والإسلام؛ لأنه إذا كان مساويًا شَرُفَ من النسب، وليس لغيره ذلك الشرف فلا شكَّ أن الذي له شرفٌ أشرفُ مِنَ الذي ليس له شرفٌ، وأما الذي له شرفٌ قبل الإسلام فأسلم، ولم يكن فقيهًا في الدين، فليس له شرف على مَنْ هو فقيه في الدين، وإن لم يكن له شرف قبل الإسلام.
* * *
151 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "لا حَسَدَ إلا في اثنتَيْنِ: رجلٌ أَعطاه الله مالًا فسَلَّطهُ على هَلَكَتِهِ في الحقِّ، ورجلٌ آتاهُ الله حِكْمةً فهُوَ يقضي بها ويُعلِّمُهَا"، رواه ابن مَسْعود - رضي الله عنه -.
قوله: "لا حسد"، (الحسد): أن يتمنى أحد زوال ما يَعدوه من النعم، هذا لا يجوز في الشرع، و (الحسد) هنا: بمعنى الغِبطة، وهي أن يتمنى الرجل أن يحصل له ما يرى في شخص من النعم مِنْ غيرِ أن يتمنى زوال النعم من ذلك الشخص، وهذا جائز في الشرع.
قوله: "إلا في اثنتين: رجلٍ آتاهُ الله مالًا"، (رجلٍ) مجرور لأنه بدل من (اثنتين)، وتقديره: لا غبطة إلا في شأن رجلين، وفي حال رجلين؛ يعني: لا قدر ولا عزة لشيء مما في الدنيا أن يتمناها المسلم إلا في شأن هذين الاثنين؛