ووجه تحريم هذا الفعل: أنه شيء لم يأمرْهُمُ الله به، ولأَنْ كتبه: أمرني ربي، أو نهاني ربي على القدح كذبٌ؛ لأن الله لم يأمرهم بذلك.
وبعض القرآن مُحْكَمٌ: وهو ما يُعَلمُ معناه، كقوله تعالى: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ} [الأنعام: 151] الآية، وغير ذلك من الأمر والنهي والموعظة، فمن شأن هذا القسم العمل به.
وبعضه متشابه: وهو الذي لا يَعْلَمُ معناه إلا الله، كقوله تعالى: {وَجَاءَ رَبُّكَ} [الفجر: 22] وما أشبه ذلك، فمن شأن هذا القسم الإيمان به؛ يعني: نقول: إنه حق، ولكن لا نعلم كيفيته بل نَكِلُ علمه إلى الله.
وبعضه أمثال؛ يعني: قصص الأمم الماضية كقوم نوح وصالح وقوم لوط وغيرهم، فمِنْ شأنِ هذا القِسْمِ: الاعتبار والاحتراز عمَّا فعلوا؛ يعني: لا نفعل مثل ما فعلوا كيلا يصيبنا ما أصابهم من العذاب.
* * *
145 - وعن ابن عبَّاس - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الأَمْرُ ثلاثةٌ: أمرٌ بَيِّنٌ رُشدُه فاتَّبعْهُ، وأَمرٌ بَيِّنٌ غَيُّهُ فاجتنِبْهُ، وأمرٌ اختُلِفَ فيه فكِلْه إلى الله - عزَّ وجلَّ -".
قوله: "إلا من ثلاثة"؛ يعني (الأمر) على ثلاثة أنواع:
أحدها: "بَيِّنٌ"؛ أي: ظاهرٌ "رشدُهُ"؛ أي: صوابُهُ، وكونه حقًا، "فاتَّبعْهُ"، وذلك نحو وجوب الصَّلاة والزكاة والصوم وغير ذلك، مما عُلِمَ كونُهُ فرضًا أو سُنة أو حلالًا بالكتاب أو السُّنة أو الإجماع.
والمراد بالكتاب: القرآن، وبالسُّنة: الحديث.
النوع الثاني: "أمر بَيِّنٌ غَيُّهُ": أي: ضلالته؛ أي: ظاهر كونه ضلالة وباطلًا "فاجتنبه"؛ أي: احترز وابعُدْ عنه، وذلك نحو: بطلان كل دين غير دين