قوله: "تَلْفِظُهم أَرضوهم"، (اللَّفْظ): الرمي والإلقاء، الضمير المنصوب في (تلفِظهم) يعود إلى (الشرار)؛ يعني: تُلقي الأرض شرارَ الناس من ناحية إلى ناحية أخرى.
قوله: "تقذُرهم نفسُ الله"، يقال: قذِرت الشيء - بالكسر - وتقذَّرته واستقذرته: إذا كرهته، (نَفْس الله) - بسكون الفاء -: ذاتُه سبحانه.
قال في "شرح السنة": تأويله: أن الله يكره خروجَهم إليها ومُقامَهم، ولا يوافقهم لذلك، فصاروا بالرِّدَّة كالشيء تقذُره نفسُ الإنسان، فلا تقبله، وهذا مِثْلُ قولِه تعالى: {وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ} [التوبة: 46].
قوله: "تحشُرهم النارُ مع القِردة والخنازير، تَبيتُ معهم إذا باتوا، وتَقِيل معهم إذا قَالوا"، (النار) ها هنا: عبارة عن الفتنة، (القردة) جمع قِرْد، و (الخنازير) جمع خنزير، بات يَبيت بَيتُوتة: إذا أقام ليلًا، قال يَقِيل قَيلولة: إذا نام نصفَ النهار واستراح.
يعني: تحشُرهم نارُ الفتنة - التي هي نتيجة أفعالهم القبيحة وأقوالهم - مع القردة والخنازير، لكونهم متخلِّقين بأخلاقها، فيظنُّون أن الفتنة لا تكون إلا في بلدانهم، فيختارون جَلاء أوطانهم، ويتركُونها، والفتنة تكون لازمةً لهم، ولا تنفكُّ عنهم حيث يكونون وينزِلون.
* * *
4925 - عن ابن حَوَالة قالَ: قالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "سَيصيرُ الأَمْرُ أنْ تكونُوا جُنُودًا مُجَنَّدَةً، جُنْدٌ بالشَّامِ، وجُنْدٌ باليَمَنِ، وجُنْدٌ بالعِراقِ"، فقالَ ابن حَوَالة: خِرْ لي يا رسولَ الله! إنْ أَدْركتُ ذلكَ، قال: "عليكَ بالشَّامِ، فإنَّها خِيَرَةُ الله مِن أَرْضهِ، يَجْتبي إليها خِيَرَتُه مِن عبادِه، فأَمَّا إنْ أبَيْتُم فَعَلَيكم بيَمَنِكُم،