قوله: "ستخرُج نارٌ مِنْ نَحْوِ حضرموت أو من حضرموت، تحشُرُ النَّاسَ"، قيل: يحتمل أن تظهر نارٌ على هذه الصفة المذكورة، ويحتمل: أن يريد بالنار: فتنة تظهر منها، وعلى كلا التقديرين يكون قبلَ قيام الساعة، والدليل على هذا قولهم: "فما تأمرنا؟ "؛ يعني: في ذلك الوقت.
* * *
4924 - عن عبدِ الله بن عَمْرِو بن العاصِ - رضي الله عنه - قالَ سَمِعْتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: "إنها ستَكونُ هِجْرَةٌ بعدَ هجرةٍ، فخِيَار النَّاسِ هِجْرَةً إلى مُهَاجَرِ إبراهيمَ عليهِ السَّلامُ".
وفي روايةٍ: "فخِيارُ أَهْلِ الأَرْضِ ألزمُهم مُهَاجَرَ إبراهيمَ، ويَبقَى في الأَرْضِ شِرارُ أَهْلِها، تَلْفِظُهم أَرَضُوهم، تَقْذَرُهم نَفْسُ الله، تَحْشُرُهم النَّارُ معَ القِرَدةِ والخنازيرِ، تَبيتُ معَهم إذا باتُوا، وتَقِيلُ معَهم إذا قَالُوا".
قولها: "إنها ستكونُ هجرةٌ بعد هجرة، فخِيارُ الناسِ إلى مُهَاجر إبراهيمَ عليه السلام"، قيل: الهجرة الثانية حقُّها أن تكون معرَّفة بلام العهد؛ لأنها هي الهجرةُ الواجبة من مكة إلى المدينة، وإنما أتى بنكرة؛ إما لتوافق الأولى في الرتبة، أو لاعتماد أنَّ السامعين يعرفون أن في الكلام إضمارًا، وهو أن تقديره: بعد هجرة كانت إلى المدينة.
(مهاجر إبراهيم)؛ أي: مكان هجرته عليه السلام، وهو الشام؛ يعني: فخيارُ الناس الذين يقصِدُون في الهجرة إلى الشامِ بعد ظهور الفتن وغلبةِ الكُفر والفَسَاد في الآفاق، فإن الشام مَصُونٌ في ذلك الوقت عن الفتن.
قال الخطابي: الهجرة الثانية هي الهجرة إلى الشام، يرغَبُ فيها خيارُ الناس.