4629 - قَالَ جَابرٌ - رضي الله عنه -: غزَوْتُ مَعَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، وَأَنَا على نَاضحٍ قدْ أعْيا فلا يَكَادُ يَسيرُ، فَتَلاحَقَ بِي النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: "ما لِبَعيرِكَ؟ "، قُلْتُ: قدْ عَييَ، فتخلَّفَ رَسُولُ الله فَزَجَرَهُ ودَعا لَهُ، فما زالَ بينَ يَدَي الإِبلِ قُدَّامَها يَسيرُ، فَقَالَ لِي: "كيفَ تَرى بَعيرَكَ؟ " قلتُ: بخَيْرٍ، قدْ أصابَتْهُ بَرَكَتُكَ، قال: "أفَتَبيعُنِيهِ بِوُقيَّةٍ؟ "، فبعْتُهُ على أنَّ لي فَقارَ ظهرِهِ إلى المدينةِ، قَالَ: فلمَّا قَدِمَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - المَدِينةَ غَدَوْتُ عليهِ بالبَعيرِ، فأَعْطَانِي ثَمْنَهُ، ورَدَّهُ عليَّ.
قوله: "وأنا على نَاضحٍ قد أَعْيا"، (الناضح): بعير يُسْتَسْقى عليه الماء.
(عيي): إذا عَجَز عن المشي وغيره.
قوله: "فما زال بين يدَي الإبلِ قُدَّامَها يسيرُ"؛ يعني: فما دام ذلك البعير يسير قدَّامَ الإبلِ سيرًا شديدًا بركة لدعاءِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
قوله: "فبعته على أنَّ لي فَقَارَ ظهرِه إلى المدينة"، (الفَقَار): عِظام الظَّهْر، والمراد به ها هنا: الظَّهر؛ أي: ركوب فَقَار ظهرِه؛ يعني: بعتُ البعير من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أنه يكون مركوبًا لي إلى المدينة، فلمَّا قدمنا المدينة ردَّ ثمنَ البعيرِ إليَّ، ووهبَ لي البعير أيضًا، وفيه دليلٌ على جواز استثناء بعض منفعة المَبيع مدةً.
* * *
4630 - عَنْ أَبي حُمَيْدٍ - رضي الله عنه - قَالَ: خَرَجْنا مَعَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - غَزْوَةَ تَبوكَ، فأتَيْنا وادِي القُرَى على حَديقةٍ لامْرأةٍ، فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "اخْرُصُوهَا"، فخَرَصْناهَا، وخَرَصَها رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عَشَرَةَ أوْسُقٍ وقال: "أحْصِيْهَا حتَّى نَرجِعَ إِلَيكِ إِنْ شَاءَ الله - عز وجل -"، وانْطَلَقْنا حتَى قَدِمْنَا تَبوكَ، فقالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "ستَهُبُّ عَلَيكُمُ اللَّيلةَ رِيحٌ شَديدةٌ، فلا يَقُمْ فيها أَحدٌ، فمَنْ كَانَ لَهُ بَعيرٌ فلْيَشُدَّ عِقالَهُ"، فهَبَّتْ رِيحٌ شَديدةٌ، فَقَامَ رَجَلٌ فحَملَتْهُ الرِّيحُ حتَّى ألْقَتْهُ بجَبَلَ طَيئٍ، ثُمَّ أقبَلْنا