ذلِكَ للنَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فضربَ بِيَدِهِ على صَدرِي حتَّى رَأَيتُ أثرَ يَدِهِ في صَدرِي، وقَالَ: "اللهمَّ! ثَبتْهُ، واجعلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا"، قَالَ: فَمَا وقَعْتُ عنْ فرَسِي بَعْدُ، فانْطَلقَ في مِئَةٍ وخَمسينَ فارِسًا منْ أحْمَسَ، فحرَّقَها بالنَّارِ وكَسرَها.
قوله: "ألا تُريحُني من ذي الخَلَصة؟ "؛ أي: ألا تُخلِّصني منه؟ و (ذو الخَلَصة): بيت لِخَثْعَمْ، وكان يسمَّى: كعبة اليمامة، وكان فيه صنم يقال له: الخلصة.
قوله: "خمسين فارسًا من أحمَسَ"؛ أي: من قريش، وإنما لُقِّبَ قريشٌ حُمْسًا؛ لتشددهم في دينهم؛ لأنهم كانوا لا يستظلون أيام منى، ولا يدخلون البيوت من أبوابها، وغير ذلك من تشدداتهم.
و (الأحمس): الشجاع، و (عامٌ أحمسُ)؛ أي: شديد.
وقيل: الحُمْسُ سبع قبائل؛ قريش وكنانة وخزاعة وثقيف وجشم وبنو عامر بن صعصعة وبنو نضر بن معاوية.
* * *
4613 - وَقَالَ أَنَسٌ - رضي الله عنه -: إنَّ رَجُلاً كانَ يكتُبُ للنَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فارتدَّ عن الإِسلامِ، ولحِقَ بالمُشركينَ، فَقَالَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ الأرضَ لا تَقبَلُهُ"، فأخبرَنيِ أبو طَلْحةَ أنَّهُ أتَى الأرضَ التي ماتَ فيها، فوجدَهُ مَنْبُوذًا، فَقَالَ: مَا شَأنُ هذا؟ فَقَالُوا: دَفنَّاهُ مِرارًا فلمْ تَقبَلْهُ الأرضُ.
قوله: "إنَّ رجلاً كان يكتبُ للنبي - صلى الله عليه وسلم - فارتدَّ عن الإسلام، ولحق بالمشركين" الحديث.
أراد بالرجل: عبد الله بن أبي السرح؛ يعني: كان يكتب الوحي، فلمَّا أملى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - قولَهُ سبحانه: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ} [المؤمنون: 12] إلى