(هذا) إشارةٌ إلى القتال؛ يعني: القتال حين قامت الحرب على ساقها واشتدت.
قوله: "ثم أخذ حصيات، فرمى بهن وجوه الكفار":
(الحَصَيات): جمع حَصَاة، وهي حجر صغيرة.
الرميُ إنما صدرَ من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من حيث الظاهر، لكنه تعالى نفاه عنه حقيقةً؛ دفعًا للسبب، وأضافَ إلى نفسه تعالى من حيث الحقيقة؛ إثباتًا للمسبب؛ لأنه لا فاعلَ في عالم الوجود إلا الله سبحانه في الحقيقة، فقال تعالى: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} [الأنفال: 17].
وفيه وفي الذي بعده دليلٌ على أن ركوب البغلة سنةٌ.
* * *
4604 - وقِيْلَ للبَراءِ بن عَازِبٍ - رضي الله عنه -: أفَرَرْتُمْ يومَ حُنَيْنٍ؟ قال: لا والله ما ولَّى رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، ولكنَّ خَرَجَ شُبَّانُ أَصْحابهِ لَيسَ عليهِم كثيرُ سِلاحٍ، فلَقُوا قَومًا رُماةً لا يَكادُ يَسقُطُ لهُمْ سَهْمٌ، فرَشَقُوهُمْ رَشْقًا ما يَكادونَ يُخطِئونَ، فأقبَلُوا هُناكَ إِلَى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، ورَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - على بَغلتِهِ البَيْضَاءِ، وأبو سُفيانَ ابن الحَارِثِ - رضي الله عنه - يَقُودُهُ، فنزلَ واستنصَرَ وقال:
"أَنَا النَّبيُّ لا كَذِبْ ... أَنَا ابن عبدِ المُطَّلِبْ"
ثُمَّ صَفَّهُمْ.
قوله: "فلقوا قومًا رماة لا يكاد يسقطُ لهم سهمٌ"، (لقي): إذا أبصر، (الرماة): جمع رامي، الضمير في (لقوا) عائد إلى الشبان؛ يعني: الشبان - وهو جمع الشاب - رأوا قومًا رامين من الأعداءِ شديدي الرمي.
"فرشقوهم رَشْقًا"، الضمير المرفوع في (رشقوا) يعود إلى الرماة،